كلُّ مُرِّ سيمر

من منّا لا يملك روحاً تحب الضحك والمرح، ومن منّا لا يريد أن يعيش حياةً يشعر فيها بالحياة، الصفاء الداخلي والرضا عن النفس، فما خلق بني آدم لغير ذلك، ما خلقنا لنيأس أو لنستسلم لعقبات الحياة وقساوتها، إنما لنقف على شرفتها ونغوص في أعماقها، بجُرأة مطمئنين واثقين أنه حتى إن طال الوقوف فالأمل أطول مهما تأخرت في الوصول، ستصل يوماً حتماً لا منازع.

لكن، أحياناً، وسط كل هذا الكم الهائل من الأمل والإيجابية تحدث أوقات تطفئ هذا الكون في أنظارنا، أوقات تُحدث عتمة للقلب، والروح والذاكرة، كيف لا وقد مرّت سنة أشدّ مرارة من قبل، شهدنا أحداثا كثيرة ومتقاربة فيما بينها، حزن، وخوف، ومرض، وصدمات، وموت وخسارات أحسسنا وكأن هذه الحياة تطاردنا بقوة، وأن الأمور قد خرجت عن سيطرتنا، إلى أن سيطر اليأس والحزن على دواخلنا.

مقالات مرتبطة

لكن، ماذا لو قاومنا تلك المرارة التي نعيشها وحاولنا استجماع قوتنا من جديد؟ هنا، توقف قليلاً، ارخِ حزامك وأزل الأغلال والطاقة والأفكار السلبية، أزلها وكأنك تكنس خيوط العنكبوت بمكنسة، خذ مكاناً هادئاً أغلق عينيك واستمع، استمع إلى نفسك، استجمع أنفاسك من جديد، تعامل بتناغم.. تخيل أنك تملك قدرة سحرية تمكنك من الخروج من جسمك والجلوس إلى جانب شخصك، انظر إليه، انظر إلى ما هو عليه، قدّم له نصيحة، وقل له إن السقوط أولى مراحل الصعود وأنه عند استيقاظه في الصباح ويبدأ الخوف بالتسلل إليه، هناك عليه أن يوقن بأنه يفعل الصواب، لأنه لا يخاف إلا الشجعان، والشجاعة لا تكمن في غياب الخوف، قل له أن يصادق الكون وأن يكون نقيّاً كالروح، أن يمنح الحب ويبدأ بإبقاء الأنوار الخامدة داخله، أن يعيش بعقل حر، وروح حرّة.

قد لا تكون هذه السنة سنتك، ليست السنة التي حققت فيها أحلامك، لكنها سنة تعلمنا فيها الكثير والكثير من الدروس. تعلمنا أن ثروتنا العظمى هي الصحة فلا مال بدون صحة ولا صحة بدون مال. الصحة السليمة شيء يضاهي جميع ثروات الدنيا التي يمكن أن نملكها، سنة أيقظنا فيها الوعي تجاه إنسانيتنا وعلاقتنا بكل من يحيط بنا، وأدركنا قيمة الأشياء التي لم نكن ننتبه إليها من قبل. تعلّمنا أن نعيش اللحظة وتذكرها وأن المستقبل غير مضمون، وأنه يمكننا أن نخطط ونهرم من أجل لحظة لطالما حلمنا بها وفي الأخير لن تحدث، لأن مدبّرها حكيم، فنحن نفكّر والله يدبّر افتح عينيك بلطف، بأمل جديد، ورؤية أخرى، وتذكر أنه من الضروري أن تمرّ بلحظات من الحزن لأنك لست مجبراً لكي تكون على ما كنت عليه لأيام أو شهور أو سنة، ولست مجبراً لتبرير ذلك أيضاً.

لا يوجد أحد يخلو من ضغوطات الحياة فنحن نعيش على أرض أعدت للبلاء، ولم يسلم منها حتى الأنبياء؛ كما قال الشعراوي. يكفي أن تأخذ قسطاً من الراحة أرح جسمك، وتفكيرك، واعتن بنفسك جيداً، وأعِد شحن طاقتك واستعد نشاطك وإيجابيتك، بعدها قف على الناصية وقاتل.

1xbet casino siteleri bahis siteleri