ملهمتي امرأة عمياء    

أبلغ وصف سمعته كان من مريضة فقدت بصرها حديثا قالت :”عندما فقدت نعمة البصر اختفى نور المحيا ، و حلت الظلمة عالمي”. 
يا الله ! كلماتها انتشلت روحي من عبثها.

 فدفعني فضولي لأغوص في عمق التقمص العاطفي علني أشاطرها آلامها و مشاعرها لكننا غالبا ما نغفل عن كنه التجربة  ويبقى صاحب الداء أدرى بمعاناته.



مرت شهور كثيرة ، و ظلت الأسئلة تراودني  و تؤرق تفكيري :كيف يعيش فاقد البصر؟و ماهي نظرته للحياة في خضم التحولات و التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم و التي تتطلب المواكبة؟. 
فقررت أن أكتشف الأمر بنفسي أو كما يقول باولو كويلو في روايته الخيميائي : “عندما ترغب في شيء يتآمر الكون كله ليسمح لك بتحقيق رغبتك”. 
و بالفعل ساقتني الظروف للتعرف على هذه السيدة العظيمة : هي زوجة  و أم لثلاثة أطفال لكنها ليست كسائر النساء فهي المصطفاة عن غيرها لتحمل هذا البلاء الثقيل هي من زرعت الابتسامة على شفتيها ،و صدت أبواب اليأس من طريقها.

 

تشمل الحنكة و الحكمة الجمال  و الأنوثة الخالصة دائما تجدها في أبهى حلة ترتدي ألوانا زاهية متناسقة ، لفات حجابها بسيطة و مبهرة في آن واحد فسبحان من عكس الباطن على الظاهر ، و أعطانا لوحة فنية تزخر بالجمال !
 إنها المناضلة المكابدة للمحن التي اختارت الطريق الأصعب حينما قررت أن تتخلى عن علاجها مقابل الاحتفاظ بجنينها معتبرة أنها تساهم في ولادة روح جديدة لهذا العالم .



 هذه الأنثى مفعمة بالحياة تمارس المهنة المجتمعية الصعبة  و المعقدة ، و الأكثر إشكالا بكل حب و عطاء لا محدود بدون كلل أو ملل بل بصفاء قلب الطفل الذي لايعرف للمستحيل سبيلا، متكيفة مع مستجدات الحياة  وتغيراتها هي دؤوبة في عملها: ربة بيت تقوم بكافة الأعمال المنزلية دون مساعدة أحد من إرضاع صغيرها ،  تحضير للوجبات، وضع الملابس في آلة الغسيل ،غسل الأواني، تنظيف ،و اهتمام بالمتمدرسين …. وغيرها من الأمور التي نجدها نحن من المسلمات بل من سفاسف الأمور لكن من يقبع داخل أحشاء العتمة يعلم جيدا حجم المعاناة. 
خلال جلساتي النسائية مع جاراتها البائسات لاحظت أن ما يشغل بالهن سؤال واحد لاغير و هو كالآتي: كيف لزوجها أن يتحمل العيش مع  امرأة كفيفة؟ . 
جاهلات أن أفضل هدية يمكن أن تقدمها المرأة لنفسها هي أن تغرم بذاتها لما هي عليه بمميزاتها وأن تتقبل عيوبها ، و كلما كانت هذه العلاقة التلازمية صحية كلما انعكست على محيطها بشكل مذهل لذا لا تستغربن لحصولها على حب حقيقي !فهي تستحقه !! هذه الإنسانة هي ملهمتي وشمعتي إذا ما شحب ضوء محيطي هي زادي إذا ما نضب غذائي.
 ففي هذا الكون الفسيح توجد أرواح لها جاذبية خاصة تبعثرنا تحدث شيئا فينا غير مفهوم ، و لا يحتاج إلى خطوات أو مراحل لإحداث الصخب ، و الهرج في أنفسنا فسرعان ما يتحول هذا الخليط اللامرئي إلى سكينة  و موطن للراحة.
إنها الروح التي تترك بداخلنا بصمة عميقة لم و لن يزلها الدهر تفقدنا الإحساس بالزمان و المكان بل نصل للتغلغل في الروح  و ننسى الجسد.



ذاك الجسد المعرض للتلف  و العطب في أي لحظة.

فيا رب السماوات لا تجعل ألفة الأشخاص الأماكن و النعم تنسينا شكرك. اللهم إننا نحمدك حمدا تستديم به النعم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri