في بلدي … آينشتاين يقتل كل يوم !

مع إطلالة كل يوم تطلق عشرات ، مئات بل آلاف الصرخات من شتى الجهات و الأرجاء ، و مع كل صرخة تنطلق بداية حياة كائن بشري على سطح الأرض و بهذه الصرخة يكون الإنسان قد عبر عن أول سؤال إشكالي بتمرد عن علة وجوده في عالم يتنفس ملامحه للوهلة الأولى دون أن يكون له قرار في أن يكون فيه … من هنا تبدأ رحلة الجنس البشري الإستكشافية لهذا العالم ، رحلة البحث عن الحقيقة ، عن الذات و عن التفرد و التميز مستعينا في أشهره الأولى بحواسه و إدراكاته الحسية كمحاولة و احتكاك أولي مع هذا العالم ، فيتعرف على صورة أمه في بدأ الأمر و يميز صوتها لينشأ أول علاقة و رابطة إنسانية تربطه بهذا العالم ، و يمر بعدها لمعاينة الأشياء و إدراكها عن طريق اللمس و الشم و السمع و الملاحظة فتتكون لديه مجموعة من المعطيات و المفاهيم و الإدراكات و بالطبع العديد من الأسئلة.



تتوالى الأشهر فيبدأ الرضيع في تجميع حروفه الأولى على نحو غير مفهوم بعد تكيفه مع محيطه الجديد و من تم يمر إلى توسيع دائرته الضيقة في هذا العالم عبر بوابة المدرسة، و هنا يطلق العنان لكل تساؤلاته المجمعة سلفا في سرداب الذاكرة.

تمثل المدرسة للطفل ذلك النهر العذب الذي سيروي عطشه بإجابات لأسئلة أجفت ريقه. فهل من ساقي مجيب ؟
هنا في أحضان هذه الجدران المبتذلة للأقسام يطرح الطفل أول أسئلته البسيطة من قبيل ، ما الضوء ؟ ما الماء ؟ لماذا السماء زرقاء ؟ لماذا .. و لماذا ..؟ و هنا تكثر و تتكاثر علامات الإستفهام ؟!



فيأتي بعدها الدور على الساقي فيملأ كأس التلميذ عن آخره . لكن للأسف من نهر عكر و ملوث بإجابات مجهزة و بفكر راكد و بسخرية على بساطة الأسئلة مغلفة بجهل و استعلاء ، فيموت الطفل مسموما و هنا تحدث أول مجزرة في حق ملكة التفكير .
أ و ليست الأسئلة البسيطة أكثر الأسئلة تعقيدا ؟!!
لولا التفكر و التعمق و التفرع في هذه الأسئلة التي تبدو بديهية لما زلنا نعتقد بأن ما الظلام إلا تجسيد لغضب الآلهة و ما البرق و الرعد إلا كائنات شيطانية و لما زلنا نتخد من أوراق الشيجرات ملابسا لنا …

تتوالى السنوات الدراسية و مع كل سنة يموت جزء منا و نحن أحياء حتى نصل للمرحلة الجامعية و هنا نحاول أن نتشبت بآخر حبل للنجاة ، لكن للأسف يبدو أن الورم قد نخر جسد المجتمع بأكمله، فتسقط آخر قطعة منا و تصبح عقولنا جامدة كالآلة الطابعة تعيد رسم ما ألقي عليها من سطور ، و نصبح مجرد نسخ ، نسخ متشابهة و ملوثة.



1xbet casino siteleri bahis siteleri