مواسم الطاعات

977

أذكركم ان هذه السلسلة كانت نتاج الفترة الطويلة من المرض بالمستشفى، كانت فرصة غير عادية للتأمل والتفكير. هذا التأمل أوحى لي بفكرة مواسم الطاعات و قد تحدث عنها العلماء ولكني أريد أن ألتفت لبعض الإشارات الأخرى.

تعلمنا أن الله سبحانه وتعالى يكرمنا بالصلوات الخمس، ثم يعطينا سبحانه فرصة للتوبة والإنابة في كل جمعة، وجمعة إلى جمعة كفارة لما بينهما، ثم يمنحنا فرصة أخرى للتوبة والعودة إليه سبحانه في رمضان، ومن رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما. ومن عنده القدرة لأداء العمرة فمن عمرة لعمرة كفارة لما بينهما، وأما الحج المبرور فلا جزاء له إلا الجنة.
كلنا نعرف هذه المعاني ومواسم الطاعات فرصة للعودة إلا الله سبحانه و تعالى، فهذا المعنى مهم جدا  وهو الأساس في مواسم الطاعات من كرمه و فضله وجوده سبحانه.

إن  الله سبحانه و تعالى لا يستقصدنا، ولا يريد أن يعذبنا بل يريد أن يرحمنا ويعفو عنا “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”، ولأجل ذلك كله يعطينا هذه المواسم كفرصة ليقول “تعالوا، عودوا” .

فالله سبحانه يبسط يديه في الليل ليتوب مسيء النهار، و يبسط يديه في النهار ليتوب مسيء الليل.

مقالات مرتبطة

إذا فهي مواسم ليست فقط للطاعات، بل هي أكثر من ذلك إذ تسعى بالخصوص لإظهار بعض صفات الله سبحانه وتعالى، كصفة الرحمة، صفة المغفرة، صفة العفو.

وتظهر بشدة ووضوح في هذه المواسم فهذا من معاني مواسم الطاعات. لكن لها معنى آخر وهو أن النفس الإنسانية، هي نفس ملولة رغم أننا و الحمد لله نصلي الصلوات الخمس، و يمكن أن نزيد بعضا من النوافل، لكن لو اكتفينا فقط بهذه، ولم تكن معها مواسم الطاعات لأصبحت روتينا، و هذا ما حدث لكثير من الناس، لدرجة أن بعضهم حتى الصلاة عينها تصبح روتينا يعني لو في الركعة الثانية سأل نفسه ما هي السورة التي قرأها في الركعة الأولى يمكن  أن لا يتذكر يتذكر  !!لأنها صارت  روتين، فالفاتحة و الركوع و السجود لم تعد لها معان عنده.

يمكن أن نقبل هذا من إنسان مغيب من جراء أدوية، أو أمراض تتسبب له في ذلك، لكن من شخص سليم ، شاب أو فتاة في مقتبل العمر، يصبح بهذه الحالة التي فيها شيء كثير من الغفلة لا يجوز لأننا أعمق من أن نصبح بهذا الروتين.
لهذا تأتي مواسم الطاعات كأنها صفعة محب، لتمنحنا شيئا من التغيير وعدم الروتين الذي يحتاجه الإنسان.

فمثلا تأتي الجمعة فيها تغيير حتى في طريقة الصلاة، و يأتي طبعا رمضان فيه تغيير شامل، شهر كامل من التغيير، حتى أنواع الأطعمة تتغير في رمضان فما بالكم بأوقات الإنسان و حياته التي تصبح كفترة صحو من غفلة.
ذكروا هذا المعنى: أن مواسم الطاعات هي مواسم إظهار صفات الله تعالى الجميلة التي يحب أن يهديها لعباده، و في نفس الوقت هي مواسم لكسر الروتين الذي يعيشه العباد حتى يعودوا إلى الله سبحانه و تعالى و يقبلوا عليه بوحي وليس بغفلة. فاصحوا في مواسم الطاعات. حفظكم الله تعالى من كل سوء.

عن سلسلة “حصاد العمر”

تفريغ: حسناء العكري

1xbet casino siteleri bahis siteleri