في الروح سنونو – رسالة طائر عابر‎‎

تنطلق رابطتي والطيور الجميلة بندرتها وشكلها غير المألوف، وكانت هذه الرابطة تعلمني معاني الحياة العديدة إلى أن صارت تشبه حياتي الإنسانية بعصفور.

إن البناء لدى الإنسان كما هو بناء طائرنا الذي سكن ركن بيتنا؛ يشدو يرقص ويعتني بصغاره. وأنا شيخ، أدهشتني طريقة بنائه للأعشاش كيف أن أبناء صورينا ينسون طريق العودة. وكانت رؤيتي للحياة مماثلة، غير أننا لا نتنكّر لأعشاش رعَتنا وإن كنا قادرين على بناء أعشاش بعيدة.

الإنسان بطبعه ينسى لكنه غير مسموح له بنسيان عش ولادته، وما يدهشني حقا هو سفر على الطائر العابر الكاسر والأليف من نفس الأصل لدى الإنسان، الشيء الذي يحد من اكتمال التشبيه، وإن كنت مقتنعا بالرابط غير المرئي لدرجة الخلط بين الإنسان والعصفور في كتابتي هذه، حتى أنني كتبت ذات مساء:

معجب بك
كإعجابك بعصفورك
تزينين غرفتك بغناه الحزين
تحدثينه داخل قفصه
ترفضين حريته
تداعبين ريشاته الوردية
يناشدك وتحسبين ينشدك
حرري حضه العثر
حرري جنيحاته
صالحيه والأفق
ربما أحررك من باطني
ربما أهمس بحريتك بين الأذن والعنق

مقالات مرتبطة

 اقتناعا، أنا لا يثير انتباهي الطائر السهل الأليف. كثائر أنا، أحب منها ما يصعب إمساكه وإرضاؤه، ومن ثم أحاول أن أرضيه. أما عن إمساكه فقد علمتني الحياة: أن لا مجبور على المكوث يحب مالكه، لذا حريته تعنيني بقدر ما تعني له. وماكر من رود الحر على الاستعباد وإن كان طائرا. إذ نمكر محاولين امتلاك شيء ما فإننا نضيع فرحة الحب، لهفة الإنشاد والإقبال لدى الطائر. وإن كنا نصنع هذا -في بعض الأحيان- بحسن نية من فرط الحب للطائر الجميل.

 وأنا أخالط العصافير المزقزقة، صاحبة الحسن، تقاطع الطريق بسنونو جميل كان صعب المراس، لكن تجربتي وسنونوي بيتنا جعلت مني شخصا قادرا على إرضاء أمثاله من العصافير. وكنت أحب بساطته وسرعة استجابته وحبه لراحة يدي التي كنت أبسطها كلما دخلت البيت أو صادفته.

كان يهمس لإبهامي ويخبره: “لن أتركك”، بينما تداعب إبهامي ريشاته. أعجبني شذوه وكان يرقص من حولي. أحببت وجوده وغناه، حتى وإن كان يغرس أظافره براحتي فأنا أحبه. أعجبه ما لاقاه، وسألني ذات مساء: ما المشاعر؟ فهمست: حب وبضع من إيمان وصمت. وطالت عشرتنا. وفي يوم فتحت الراحة راحتي فطار سنونوي حرا طليقا، كذا شاء الله له بعد أن تعود الإبهام همسه والراحة مجلسه. ثم أخبرتني النسائم السامرات أنه إن كان قد أحب راحتك ومداعبة سبابتك فسيعود، وإن لم يعد فسيبقى حرا طليقا، ربما شاء له الإله ذلك، وتحولت إلى سابق عهدي طائرا عابرا مسافرا.

 ألا أيها الطائر المحلق الذي كان بين جنبي، إليك يدي المدماة راحتها والمبسوطة كل البسط إليك، تنتظرك.

1xbet casino siteleri bahis siteleri