الهروب إلى الطبيعة

إن الهروب أو محاولة الهروب إن صحّ التعبير من سآمةِ الحياة اليومية وضغوطاتها، من أكبر الحوافز التي تدفع الناس إلى تغيير نمط حياتهم وذلك بالارتماء داخل أحضان العلم والفن لما تنطوي عليه هذه الحياة من تفاهة مزرية وتوالي أيام الأسبوع دون جديد ولا شيء يبعث عن الارتياح واكتشاف الذات.

إن هذا الحافز الذي يدفعنا إلى اكتشاف حياة جديدة مليئة بالعلم والفن، وكذا ممارسة هواياتنا والخلوة بأنفسنا، يشبه إلى حدِّ ما، تلك الرغبة التي تجعل أُناس المدينة الذين يفضلون الانزياح إلى خارج مدنهم التي أَلِفوها واعتادوا عليها، إلى مناطق الجبال العالية حيث الهدوء التام والراحة النفسية، لكي يحصلوا على الاتزان النفسي ويسرحون الطرف بعيدََا في السماء الصافية النقية، إلى أن تستقرَّ أبصارهم على أطراف الجبال الشامخة وقِمَمها، التي تبدو وكأنها خلقت لكي تمتص الطاقة السلبية التي اجتاحت أنفسهم وأرهقت فكرهم، فالخلوة والابتعاد عن ضجيج الحياة ومَتاعِبها، من بين الأمور الأساسية التي تساعد على تجديد الطاقة النفسية وإحياء الشغف تجاه الحياة، ذلك عن طريق تحقيق السعادة ورؤية جمال الطبيعة واستشعار لذتها.

مقالات مرتبطة

إن اللجوء للطبيعة والتأمل فيها، يساعدان على تعزيز صحة ووظيفة الدماغ بشكل كبير، وبالتالي فإن أخذ استراحة بسيطة والتأمل في منظر طبيعي مثلا، يريح العقل من القلق والتوتر الناتج عن العمل أو الدراسة ليقود التركيز من جديد نحو إنتاجية أفضل. كما أنّ التعرّض للطبيعة يمنح العقول التي تفرط في التفكير والنشاط فترة راحة، مما يجعل صاحبها أكثر حيوية واستعدادا لتأدية مهام جديدة كانت تعتبر الأصعب من قبل.

هناك دراسة علمية تؤكد أنّ الإنسان الذي يعيش بالقرب من الطبيعة أو الذي يعيش فيها بإمكانه الشعور بالمزيد من الامتنان والتقدير لنعم الحياة، وأنّ رؤية المعجزات التي تحتويها الطبيعة في الخارج تُعزز وبشكلٍ تلقائيّ الرغبة الداخلية في حمايتها، وكذا استشعار عظمة الخالق.

إضافة لكل ما سبق، فإن للطبيعة قدرة كبيرة على تجاوز الألم والتوتر؛ إذ إن النظر إلى الأشجار والنباتات والمياه وغيرها من عناصر الطبيعة من شأنه إشغال العقل بها وتشتيت الانتباه عن الألم والانزعاج.