المشاعر وعلاقتها بأقدار الله

صدقا أن الإنسان لا يملك القدرة على التحكم في مشاعره، بل إن استطاع ذلك فإنه لا يتجاوز قدرا يسيرا من ضبطها.. نحن لا نملك مشاعرنا بل نملك فقط أفكارنا! وقضية المشاعر هذه باب مهم في الإقبال والعودة إلى الله تبارك وتعالى، وفي صلاح وإصلاح العقيدة كذلك في حالة ما إذا أصابها شرخ أو طعن إثر بعض الظروف القاسية التي قد يمر بها الإنسان.

إن الإيمان بقضاء الله وقدره هو الركن الأخير من أركان الإيمان الستة.. ويقول الرب تبارك وتعالى في كتابه: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ } [الحجرات: 14] يظهر جليا أن الإيمان غير الإسلام، فالإيمان رتبة أعلى يظهر على إثرها بأنه ليس كل مسلم مؤمن، وقد تمر قضية الإيمان بالقضاء خيره وشره على مَسمع المسلم فيجد نفسه يعرفها جيدا.. إذ إنه لطالما كررها في طفولته وكبر على ترديدها، والإنسان عامة مَخدوع بما يعرفه ويكرره ظانا أنه يستوعبه حتى ولو يحدث الاستيعاب والفهم الدقيق، كيف لا والقدر في الأصل سر من أسرار الله، حارت العقول العظيمة في تفسيره حتى تركته مسلّمة ومؤمنة بأن الأمر لله وحده.
الاختبارت التي تظهر فجأة في حياة المرء هي في أصلها أقدار الله، وتفاعل المسلم مع هذه الأقدار وكيفية مواجهته لها تُظهِر المعدن الحقيقي والأصيل لهذا الشخص..ومدى استيعابه لحقيقة أن الله بيده مقاليد الأمور وأن كل شيء بقدر، فيجابه هذا القدر بالرضا والتسليم، وبالتالي ينجح في التغلب على قدر الله بالاستعانة بالله عز شأنه وجل ثناؤه.
مقالات مرتبطة
ويبقى الخيار الآخر وهو الإعراض والجدال والتيه والسخط واستمرار طرح أسئلة شبيهة بِـ “لماذا أنا؟” فيستعين الشخص بهكذا مواجهة على قضاء الله وقدره، وهذا لعمري طعن في العقيدة وخسران كبير ليس في حق أحد بل في حق صاحب الاختبار والابتلاء نفسِه.. فالقدر سر ولا أحد يستطيع مجابهته إلا إذا استعان بصاحب هذا السر.. ولهذا فإن الله حين يأمر الإنسان بالرضا فهذا في الأصل عون له.. والحياة الدنيا في أصلها تعب وكبد ولا تكاد تخلو من الصعاب.. ولأن كل هذا موجود فكان لا بد من سلاح يحمله المؤمن اتجاه هذه الأقدار.
بالعودة إلى المشاعر وعلاقتها بقضية القضاء والقدر، إن الإنسان في أصله لا يملك قدرة على مشاعره، وحين يجابه الأقدار الأليمة، ولا يستعين على مواجهتها بالله الجليل، فإنه يقع في بئر عميق ومظلم، فتزدحم أفكاره وتكبر حتى تتحول إلى مشاعر أليمة لا يملك القدرة على السيطرة عليها، هنا في هذه النقطة بالضبط، يدرك المرء إدراكا تاما بأنه ضعيف لا حول له ولا قوة، فيرغب بالتمسك بشيء ما، وبعد رحلة طويلة من المحاولات والخيبات لا يجد غير الله أنيسًا وملجأ، فيعود تائباً مستوعباً.. وبهذا تكون مشاعره مدخلاً لإصلاح عقيدته وقلبه.. بل صلاحا لدنياه وآخرته!
1xbet casino siteleri bahis siteleri