الشعور بالذنب والعار والصورة الذاتية

ماذا يعني الشعور بالعار (أنواعه)؟

قد نشعر بالعار والذنب لحدث ماض أو فعل قمنا به لا نحبذ اقترانه بصورتنا الذاتية. من الناحية النفسية والعملية، قد يشعر الإنسان بالعار لقيامه بعمل غير متقن أو لفشله في وظيفة دنيوية، أو في اختبار، أو لارتكابه خطأ بحق نفسه بتهميشها أو عدم قدرته على الاعتناء الكافي بها. أما من الناحية الدينية، فيشعر الإنسان بالعار لارتكابه للذنوب والخطايا أي عند التقصير في حق الله وحق الآخرين عليه.

كيف نرصد الشعور بالذنب والعار؟

غالبا ما يتسلل لنا هذا الشعور على شكل عدم ارتياح، غصة في الصدر، خوف… وإذا رغبت في معرفة شعورك بالعار من عدمه يجب طرح سؤالين على نفسك:

  • هل أنت مستعد للقاء ربك الآن؟
  • هل يمكنك إظهار جميع أسرارك وخفاياك لشخص ما بكل راحة؟

إذا كان الجواب لكلاهما هو “لا” (الجواب الصريح البعيد عن غش الذات)، فهنا ينبغي عليك أن تعرف أسباب إجابتك بـ “لا” لأنها أسباب تشعرك بالذنب والعار.

مقاومة الحقائق والتصالح الزائف مع الذات:

هناك فئة من الناس ترغب في تصديق أنها لا تشعر بالذنب والعار من أفعال نراها جميعا قبيحة، تدّعي أنها متصالحة مع ذاتها؛ إلا أنها في الحقيقة هي فقط تحاول مقاومة شعور الذنب، فتضع محلّه شعورا آخر تركز عليه كالثقة المزيّفة، وذلك لأن ذنوبها أصبحت طاغية وبدأ ينتابها الشك في إمكانية التخلص من الذنب أو في إمكانية تغيير نفسها إلى الأفضل.

في هذه الحالة يكون المسار طويلا أمام هذا النوع من الناس ليصل إلى مراحل متقدمة لأنه يجب عليه أولا تطهير قلبه بإسكات صوت الكبر داخله وتقبل خطاياه وأن يعي أن شعور الذنب لا مهرب منه وأن الحقيقة تظل واحدة.

حلول للتخلص من الذنب والعار في الجانب العملي والدراسي أو كل ما يتعلق بالوظائف والواجبات الدنيوية:

  • التصالح مع الذات عن طريق الاعتراف بالخطأ وتقبُّل أنك بشر خطّاء وليس بتكذيب وجود الذنب وتعليقه بشخص آخر متبنّيا عقلية الضحية.
  • تقبل أنه رغم الأخطاء يظل الإنسان قادرا على إصلاح خطئه.
  • التركيز على الحاضر والمستقبل واعتبارهما فرصة لتكوين صورة ذاتية متعارضة وأخطاء الماضي.
  • بداية الإصلاح الفعلي بتكوين عادات جديدة.
  • تقدير الذات لذاتها بحيث ليس من الضرورة أن تكون الأنجح في العمل أو الدراسة لتحظى بالتقدير، ما دمت تحاول باستمرار فستحصل يوما على مرادك بإذن الله.

بذكرنا للعادات وأهمية تغييرها وجب علينا التطرق لبعض النقاط:

صعوبة تكوين العادات

من الطبيعي أن يجد أي إنسان صعوبة في البداية، حتى من الممكن أن يتدهور الوضع بعد اعتقاده أنه قد بدأ فعلا بتبني العادة. تذكر أنه لا بأس بالتعثر فعند بداية تعلم أي مهارة وحتى أحيانا بعد تعلمها تماما يبقى هامش الخطأ قائما وأمرا واردا، وقد تتكرر الأخطاء أحيانا وهذا لا يعني أنك أكثر إنسان فاشل في الكون، فالجميع يعيش الوضع نفسه. كلنا نستيقظ في الصباح على أمل أن نكون أفضل وأن نسعى وننجز بشكل أكثر فعالية.

أهمية المحيط لتكوين العادة
أكثر عامل مؤثر بتكوين عاداتك، وبالتالي بتغيير أو تثبيت صورتك الذاتية، هو المحيط. فنحن مرآة لمحيطنا. هنا أرغب في استرجاع فكرة من كتاب ينصح بقراءته: “عادات ذرية”، وهي أن الإنسان أقرب إلى أن يقوم بالشيء إذا وضع إشارة واضحة له وسهّل الوصول إليه في محيطه؛ فمثلا إذا كنت تعاني من عدم الانضباط في الصلاة، يساعدك ترك ملابس الصلاة معلقة على مرأى عينيك وترك سجادة الصلاة على مقربة منك في القيام بذلك؛ فتصميم محيطك مسؤول عن كون العادة سهلة أو صعبة.
باختصار إذا كنت ترغب في التغيير بسهولة أكثر لا تنسى تسهيل الأمر بوضع كل شيء في محله المناسب في محيطك.

حلول التخلص من الذنب والعار من الجانب الديني:

  • تثبيت عادة الصلاة (اقرأ كتاب عن ضرورة الصلاة وكيفية الالتزام بها ككتاب فاتتني صلاة، طوال فترة محاولة الالتزام).
  • ذكر الله كلما سمحت الفرصة تكفيرا عما مضى وتعويدا لنفسك من القرب من الله مما يشعرك بالراحة والاحتضان (شراء مسبحة إلكترونية تحفزك على الذكر لكون الضغط على الزر يبدو جذابا، كما أن رؤية إنجازك بنهاية اليوم يبدو مشجعا).
  • البدء في ما ذُكِر سابقا ببساطة ودون تعقيد (صلاة الفرائض فقط) ثم التحسين مع مرور الوقت.
  • الالتهاء بما يفيد وهزم الفراغ لأنه سبب جميع الوساوس والانحرافات.

-لتحسين الصورة الذاتية:

  • احذر ما يدخل عقلك من أفكار (ارفض جميع الوساوس التي ترغب في دفعك للغرق في مستنقع الذنب والعار وتحيلك عن التقدم).
  • تذكر أن ما يقوله من حولك عنك ليس من الضروري أن يكون صحيحا فغالبا ما يرغب الغير، حتى أقرب الناس لنا، في كسر ثقتنا بغرض الانتصار علينا (خاصة في النقاشات) وجعلنا نظن أننا أقل.
  • اكتب إنجازاتك وكل عمل أنت فخور به وضعه دائما أمامك (على مكتبك، أو على حائط بغرفتك).
  • فكر بأن كل عيب فيك غير ظاهر للآخرين هو فرصة من الله لك للتغيير والإصلاح دون ترك هذا العيب أثرا في حياتك.

في الأخير، فلنتذكر أن ما يهم هو الخطوات التي نتخدها يوميا نحو النور، ما يهم هو كم خطأ محونا وكم خطأ تعلمنا منه.

1xbet casino siteleri bahis siteleri