إلى متى سيستمر هذا العدوان الوحشي؟

إذا سألوك عن غزة قل لهم بها شهيد، يسعفه شهيد ويصوره شهيد ويودعه شهيد، ويصلي عليه شهيد.
محمود درويش

في قلب الشرق الأوسط، تشهد أرض غزة على ملحمة معاناة لا هوادة فيها ومفجعة. إن الشعب الفلسطيني، وخاصة في غزة، يجد نفسه متورطا في دائرة من العدوان، حيث يجلب كل يوم جراحا جديدة وألما متجددا. وبينما يراقب العالم، يظل السؤال قائما في الهواء مثل ضباب كثيف: متى ستتوقف هذه الوحشية؟

إن المشاهد التي تتكشف في غزة لا يمكن استيعابها، حيث تحولت المنازل إلى أنقاض، وتحطمت الأسر بسبب العنف المتواصل. ووسط الأنقاض، تتردد أصداء الشوق الجماعي للعودة إلى الحياة الطبيعية في الشوارع، في نداء يائس لوضع حد لسفك الدماء الذي لطخ نسيج الحياة اليومية.

وفي مواجهة هذه المحنة، يتألق صمود الشعب الفلسطيني. وعلى الرغم من الدمار، فإنهم متمسكون بإيمانهم، ويستمدون القوة من الإيمان بأن كل شهيد يُفقد سيمهد الطريق لحياة جديدة. إنها شهادة على الروح التي لا تقهر والتي تحدد الهوية الفلسطينية – الروح التي ترفض أن تُسحق تحت وطأة القمع.

ويستمر الصراع الداخلي من أجل الحصول على إجابات، ويغذيه سعي لا يتزعزع نحو الأمل. وينظر سكان غزة إلى ما هو أبعد من الدخان والأنقاض، ويتوقون إلى اليوم الذي لن تشهد فيه شوارعهم أهوال الحرب. وتصبح دورة الميلاد والتجديد رمزاً للتحدي، وإعلاناً بأن الروح الفلسطينية لا يمكن أن تنطفئ مهما كان حجم التحديات التي تواجهها.

وهذه ليست مجرد دعوة لوضع حد للعدوان الإسرائيلي؛ إنه إعلان متحدي يتحدى القوى التي تسعى إلى محو الهوية الفلسطينية. إن عدم ثبات كل الأشياء بمثابة تذكير قوي بأنه على الرغم من العقبات الهائلة، لا شيء يدوم إلى الأبد. الاحتلال وجنوده والمحن التي تصيب غزة، كلها عابرة في اجتياح التاريخ الكبير.

كل قطرة دم تُراق، وكل منزل يتحول إلى أنقاض، يردد صدى صرخة جماعية من أجل العدالة يتردد صداها عبر الزمن. وقد يحول العالم أنظاره، ويتظاهر بالجهل بمحنة الشعب الفلسطيني، ولكن صموده يظل شهادة دائمة على القوة في مواجهة الشدائد. إن غزة، التي شابتها المأساة اليوم، سوف تنهض من جديد ذات يوم -ليس كرمز للمعاناة، بل كمنارة للانتصار على الصعاب التي لا يمكن التغلب عليها.

وبينما نشهد المأساة المستمرة في غزة، يجب ألا ننسى أن الكفاح ليس على الأرض فحسب، بل أيضًا في قلوب وعقول الأفراد في جميع أنحاء العالم. إنها دعوة للعمل، تحث كل واحد منا على الوقوف ضد الظلم ورفع أصواتنا تضامنا مع شعب غزة الصامد.

وفي مواجهة الشدائد، فإن سكان غزة يقفون دون رادع. روحهم غير قابلة للكسر، وأملهم لا يتزعزع. سيأتي اليوم الذي تشرق فيه الشمس على غزة الحرة والمزدهرة، ليس كرمز للضحية، بل كشهادة على الإرادة التي لا تقهر للشعب الذي رفض الاستسلام لليأس. وإلى ذلك الحين يبقى السؤال يتردد في قلوب المهتمين: متى ينتهي هذا العدوان، ومتى تعود البسمة على وجوه الشعب الفلسطيني الصامد؟

كما قال الشاعر الفلسطيني الراحل عن غزة

ليست أجمل المدن
وليست أغنى المدن
وليست أرقى المدن
وليست أكبر المدن
ولكنها تعادل تاريخ أمة
لأنها أشد قبحا في عيون الأعداء،وفقرا وبؤسا وشراسة
لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته
لأنها كابوسه
لأنها برتقال ملغوم
وأطفال بلا طفولة
وشيوخ بلا شيخوخة
ونساء بلا رغبات
لأنها كذلك فهي أجملنا وأصفانا وأغنانا وأكثرنا جدارة بالحب
ليست لغزة خيول ولا طائرات ولا عصي سحرية ولا مكاتب في العواصم
صحيح أن لغزة ظروفا خاصة وتقاليد ثورية خاصة‏‏ ولكن سرها ليس لغزا
مقاومتها شعبية متلاحمة تعرف ماذا تريد (تريد طرد العدو من ثيابها)‏‏
وعلاقة المقاومة فيها بالجماهير هي علاقة الجلد بالعظم
وليست علاقة المدرس بالطلبة
لم تتحول المقاومة في غزة إلى وظيفة
ولم تتحول المقاومة في غزة إلى مؤسسة‏‏
لم تقبل وصاية أحد ولم تعلق مصيرها على توقيع أحد أو بصمة أحد‏‏
ولا يهمها كثيرا أن نعرف اسمها وصورتها وفصاحتها
لم تصدق أنها مادة إعلامية
لم تتأهب لعدسات التصوير
ولم تضع معجون الابتسام على وجهها‏‏
لا هي تريد.. ولا نحن نريد‏‏
من هنا تكون غزة تجارة خاسرة للسماسرة
ومن هنا تكون كنزا معنوياً وأخلاقيا لا يقدر لكل العرب‏‏
ومن جمال غزة أن لا شيء يشغلها
لا شيء يدير قبضتها عن وجه العدو
قد ينتصر الأعداء على غزة
قد يكسرون عظامها‏‏
قد يزرعون الدبابات في أحشاء أطفالها ونسائها
وقد يرمونها في البحر أوالرمل أو الدم ولكنها
لن تكرر الأكاذيب ولن تقول للغزاة: نعم‏‏
وستستمر في الانفجار‏‏
لا هو موت ولا هو انتحار
ولكنه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة
وستستمر في الانفجار

1xbet casino siteleri bahis siteleri