التوعية سبيل لمحاربة سرطان عنق الرحم

يعتبر سرطان عنق الرحم من بين أكثر السرطانات التي تصيب النساء بنسب كبيرة، إلى جانب سرطان الثدي، فبالرغم من محاولات تشجيع النساء على الفحص المبكر، إلا أن نسبة الإقبال عليه تبقى ضعيفة أو في بعض الحالات تكون في مراحل متأخرة، وبالخصوص عندما يتعلق الأمر بأمراض الرحم، فغالبا ما تتجاهل النساء الأعراض غير الطبيعية، كالآلام التي تصاحب فترة الطمث أو الإفرازات المهبلية، وتفضل معالجتها من تلقاء نفسها، بأدوية عشوائية أو تقليدية دون استشارة المختصين في الأمراض النسائية، مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مستقبلا، بالخصوص عندما يتعلق الأمر بسرطان عنق الرحم الذي قد تكون أعراضه مألوفة عند النساء ومن بينها: النزيف المهبلي، والإفرازات المهبلية الكثيفة، ألم أثناء الجماع، وشعور بآلام في الرحم، أما الحالات التي تكون أكثر عرضة لهذا النوع من السرطان: النساء المصابات بفيروس نقصان المناعة المكتسبة، تعدد الشركاء الجنسيين مما قد يؤدي إلى الإصابة بعدوى جنسية أو التهابات، الولادات المتعددة ومنها تلك التي تكون دون مراقبة طبية قبل وبعد الولادة.

وفي هذا الإطار، قد رصد تقرير للمندوبية السامية للتخطيط بعنوان “المرأة المغربية في أرقام: 20 سنة من التطور” الذي صدر بتاريخ 2021/10/18، ويضم مجموعة من الإحصائيات التي تتعلق بالمرأة، وفي المحور المتعلق بالصحة، أنه بلغت نسبة النساء اللاتي تلقين رعاية صحية قبل الولادة من كادر طبي مؤهل سنة 2018 على المستوى الحضري 96٪، أما على المستوى القروي 73.7٪، فيما كانت هذه النسب منخفضة في سنتي 2004 و2011، لذا فالمراقبة الطبية قبل الولادة وبعدها لها دور فعال في تشخيص أمراض نسائية بشكل مبكر.

وإضافة لما سبق، فقد وضعت منظمة الصحة العالمية، استراتيجية عالمية من أجل تسريع وتيرة التخلص من سرطان عنق الرحم وفق ثلاث خطوات: التطعيم، الفحص، العلاج، وتطبيقها من شأنه أن يخفض نسب الإصابة بشكل كبير (المصدر: موقع منظمة الصحة العالمية)، أما على المستوى الوطني فقد أطلقت مؤسسة لالة سلمى للوقاية وعلاج السرطان بشراكة مع وزارة الصحة، مخططا وطنيا لمحاربة السرطان في أفق 2020-2029، الذي يعد استكمالا للمخطط الأول الذي انطلق سنة 2010 وحقق نتائج مهمة في محاربة سرطان الثدي، ووضع المخطط الثاني الوطني ضمن أولوياته تحسين الولوج والفحص والتشخيص المبكر للوقاية من سرطان عنق الرحم بإدماج لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في البرنامج الوطني للتمنيع لتحقيق معدل لا يقل عن 90٪ من العلاج، (المصدر: المخطط الوطني للوقاية ومراقبة السرطان 2020-2029).

ولتنزيل ذلك، لا بد من الإقبال على الكشف المبكر، الذي يتم بداية بمسح لغشاء عنق الرحم من أجل الحصول على خلايا وترسل هذه الأخيرة للمختبر من أجل التحقق من مدى سلامتها، في حالة كانت طبيعية وعادية، يكفي أن يعاد الاختبار مرة كل 3 سنوات، أما إذا كانت غير طبيعية فيتم اختيار العلاج الملائم حسب مراحل نمو الخلايا السرطانية وكل ما كان الكشف مبكرا كان العلاج أسرع.

وفي الأخير يجب أن نعي مسؤوليتنا كمجتمع في توعية النساء بضرورة إجراء فحص سرطان عنق الرحم مرة كل 3 سنوات، وأن نوضح لهن سهولة الاختبار وأنه لا يسبب أي ألم، لذا يجب علينا تشجيع النساء في محيطنا للإقدام على هذه الخطوة المهمة من أجل ضمان صحة جيدة وعلاج مبكر، ولا بد أن نذكر بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي ودورها في التأثير على المجتمع بمختلف مكوناته، وأننا بحاجة إلى تكثيف جهود الإعلاميين، والمؤثرين، والفاعلين الجمعويين من أجل التنويه بدور الكشف المبكر في محاربة سرطان عنق الرحم أو سرطان الثدي.

ونشير إلى أن قطاع الصحة حاليا يشهد تطورا مهما من خلال الاختيارات الإستراتيجية التي جاء بها تقرير النموذج التنموي الجديد، التي تشمل تقوية الرأسمال البشري عبر تجويد الخدمات الصحية وحماية صحة المواطنين، وكذا تعميم الحماية الاجتماعية، كل هذا من شأنه تسهيل الولوج للخدمات الصحية، وفي المقابل يبقى على عاتقنا اتخاذ المبادرة، وتشجيع النساء على الكشف المبكر لأنه هو السبيل الأمثل لعلاج سريع، فكما نهتم بمظهرنا الخارجي باختيار أجود العطور، والمستحضرات التجميلية، وأفخم الملابس ففي المقابل لا يجب أن نستكثر زيارتنا للمختص النسائي ونعتبرها مكلفة، ونتناسى أن زيارة بسيطة له، ممكن أن توفر علينا الكثير من العناء مستقبلا.

1xbet casino siteleri bahis siteleri