الوطن والانتماء

الوطن، كلمة عندما تسمعها أو تلفظها ينتابك شعور الدفء، والاطمئنان، شعور يلامس القلب بشيء من الحنان، يضفي البهجة والسرور على النفس.

الوطن كلمة لا تعني بالضرورة المكان، كما يُرسم في أذهاننا للوهلة الأولى عند سماعها، فالوطن وإن ارتبط بإحساس الانتماء فإن هذا الانتماء ليس بالضرورة لمكان معين؛ قد يتمثل عند البعض في فترة زمنية قد مر بها كطفولته، فيشعر بالحنين عند تذكرها، أو ببساطة فترة في اليوم كوقت شروق الشمس، الظهيرة أو الغروب أو حتى عند تلؤلؤ نجوم السماء في ليلة صافية من الغيوم.

فصول أرضنا الأربعة أيضا يمكن أن تعبر عن معنى الوطن عند بعض الأشخاص، فهناك من يحس بالانتماء في فصل الخريف مثلا، مما يجعله يشعر أنه جزء من سقوط أوراق الأشجار، من تساقط الأمطار ومن الألوان الترابية التي تغطي كل المساحات. أما البعض الآخر فيعشق فصل الصيف وصوت موج البحر تحت خيوط أشعة الشمس التي تضيء كل مكان حوله.

قد تأسر البعض وتحسسهم بالانتماء “العبادة” بمختلف أنواعها، يمكن أن تكون بيتا وموطنا لهم؛ عند صلاة الفجر مثلا يحس أنه يولد من جديد أو عندما يتصدق بابتسامة لغريب وعون لضعيف..الهوايات تشكل أوطانا أيضا، لذا تسمع من يقول أجد نفسي في الرسم، في كرة القدم، في كتابة السطور أو تأليف المقطوعات وغيرها. 

شخص أو مجموعة أشخاص هو تعريف الوطن لفئة أخرى منا، فعندما يكون برفقتهم يتلاشى مفهوم الوقت وحين يبتعد عنهم يحس بالغربة وربما الضياع.

الوطن هو أول شيء يخطر على بال أحدهم عندما يحس أنه مكسور، وحيد، محتار ومفقود، حتى عند مواجهة المشاكل أو ببساطة عندما يكون مبتهجا سعيدا بشرا بأخبار رائعة أو حقق إنجازا أو هدفا لطالما سعى إليه. مع ذلك يظل الوطن تعريفا لمكان ما، بلد ما أو بيئة للكثيرين.

الانتماء لغةً يعني الانتساب إلى شيء ما، حيث يصبح جزءا من هويتك وجزء من تعريفك لنفسك، وقد يصبح الأمر معقدا بعض الشيء فتجد هويتك و تعريفك لنفسك جزء منه، وهومن بين الأشياء التي تبدو لي معقدة وإن كان مفهومها سهل. إلا أن إدراكه والعثور على شيء يمكن أن تنتمي إليه وتطلق عليه وطنك يصبح صعبا شيئا فشيئا مع متغيرات الحياة والتقدم في العمر ومع خوض تجارب مختلفة فهل يا ترى سيظل ما أدعوه وطني بوطن؟

الانتماء شعور يستعصي في بعض الأحيان التعبير عنه، فلا أحد منا نفذ إلى ذات الآخر ليفهم حقا ذلك الشعور وماذا يعني لكل منا. فالذي لا يمكن التعبير عنه بالكلام، لا يمكن إدراكه إلا بالصمت لذا سأكتفي بقول أن لكل إنسان الحق بالشعور بالانتماء والبحث عن شيء يمكن أي يدعوه بالوطن.

وبين هذا وذاك، يبقي الانتماء جزءا من هويتنا، من تعريفنا لأنفسنا، فأما عني فكلمة وطن حين أسمعها يقبع أمام ناظري أشياء كثيرة، أشخاص وشعور فهل يا ترى ستظل نفسها مع مرور الوقت والتقدم في العمر؟ أم أن كل شيء يتغير مع دوران الساعة وتوالي السنوات؟

البعض منا لم يجد بعد ما ينتمي إليه، فإما هو تائه أم أنه وجده لكنه لم يعِ الأمر بعد، الحقيقة أن طبيعتنا البشرية تستدعي منا الحصول على وطن للشعور بالأمان. قد أكون أغفلت مواطن وأوطان البعض لذا أيها القارئ العزيز أخبرني ما هو وطنك؟ ماذا عنه؟

1xbet casino siteleri bahis siteleri