الحياة بين التغيير أو الخضوع

قد يحدث أن تجد نفسك يوما تحارب نفسك، تحارب أفكارا يرسلها لك عقلك دون أن تجبره على ذلك، فتحس آنذاك بثقل كبير في رأسك لا تعلم له سببا، تغدو تحاور نفسك، ما الذي يحدث؟ هل حقا أنا هذا الشخص؟ وهنا تبدأ المعاناة؛ أفكار كثيرة، آلام نفسية، حزن مطلق وفقدان لمعنى الحياة، هذا ما يمكن أن أصفه بالحرب العظمى!

تعتبر غالبية الناس أن هذه الحرب أمر سيء، ويصفونها بالاكتئاب؛ وذلك لأنهم مستسلمون لأفكارهم السلبية التي لا تمثلهم ولا تمثل شخصيتهم، وما إن يدركوا أن هاته المرحلة هي مرحلة مهمة في حياتهم (لأنها تكون مرتبطة بزيادة في الوعي)، لسارعوا لعيشها وخوضها كمغامرة. هاته المغامرة التي مفادها التغيير.

دعني أشرح ذلك؛ إن التغيير مرتبط بالشخص وليس بالآخر، حينما ستحاول التغيير، ستواجه نفسك لأنك تحاول تغيير شيء كان دائما مرتبطا بك ويمثلك، لذلك حينما ستوافق وتثابر على هذا التغيير ستمر من مواقف وآلام نفسية عديدة، غايتها أن تحارب التغيير الذي تبحث عنه، وهنا تكمن المسألة. إن استسلمت لها فستغدو فاشلا وربما ستنهي بنفسك لأن قوة الوعي التي اكتسبتها جعلت منك في تلك اللحظة، شخصا يائسا وضعيفا، أو ستتوفق عليها فتحقق التغيير الذي أردته وسيغدو الوعي المكتسب وقوة التغيير مرشداك في هاته الحياة.

إن قوة التغيير، لهي من السمات القوية التي يجب أن يتصف بها الشخص، فدونها ستجد الشخص ضعيفا ومتحكما فيه. أمثلة عديدة يمكن ذكرها: كالشخص النرجسي الذي لا يريد أن يزيل نرجسيته، أو الشخص الذي لا يريد تغيير وضعيته…قوة التغيير تنبع، عندما تقر بنفسك أن التغيير واجب! تغلب غلى نفسك وطور من نفسك.

إن كان التغيير سلاحا لتطوير الذات، فنقيضه هو الخضوع أي الاستسلام وتقبل أمور لا تسمو بذواتنا ولا مجتمعاتنا. الخضوع هو ذلك الانهزام وفقدان الأمل بالتغيير، الخضوع أمر لا يجعل الشخص قادرا على تحقيق أحلامه.

مقالات مرتبطة

الرافض للتغيير كذلك، الذي يعيش دون هدف؛ لأن كل هدف في هذه الحياة يتطلب المثابرة، والقوة، والعزم والاستمرار في التغيير، وكل شخص يحاول تحقيق هدف في هاته الحياة ولا يتسم بهاته الصفات فهو كذلك الشخص المفقود في متاهة ويحاول الخروج منها، سيظل يدور من حوله دون أي منفذ.

دعني أعطي بعض الأمثلة التي تبرز التغيير والخضوع:

شخص فقير ترعرع في وسط فقير؛ هذا الشخص هو أمام اختيارين:

  • الأول وهو الخضوع وتقبل الوضع، وهو اختيار لا يغير شيئا بل يزيد من سوء الوضع (مصاريف زائدة).
  • والثاني وهو التغيير والذي يمكن أن يساعد هذا الشخص على تحسين ظروف عيش أهله والارتقاء بهم، وهذا الاختيار، اختيار محمود يتطلب العزيمة والمثابرة وعدم الاستسلام.

إن التغيير لا يشمل المجال المادي فقط، بل كذلك النفسي والشخصي، المثال يخص الشخصية النرجسية: هذا النوع من الناس يتوهم التميز ويضفي على شخصيته طابعا شريرا، هذا النوع لديه أيضا في هذه الحياة اختياران: الخضوع: أي أن يتقبل شخصيته ولا يعترف بمرضه وهذا أمر خطير لأنه سيؤثر بشكل سلبي على علاقاته وسيدمر الناس نفسيا. أو أن يسلك طريقا آخر محمودا وهو أن يتقبل مرضه وأن يحاول إصلاح نفسه وتغييرها للأفضل، وهذا سيعود بالفضل عليه.

إن مغامرة الحياة، عبارة عن اختيارين: الخضوع أو التغيير؛ الأول يجعل الحياة نمطية وغير قابلة للتجديد، والثاني يضفي على الحياة طابعا خاصا يجعلها كالجنة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri