المكتبات المدرسية وترسيخ ثقافة القراءة

تعتبر القراءة من أهم الوسائل لاكتساب المعرفة، والمعرفة هي المؤدية للتقدم والرقي الحضاري، كما تشكل وسيلة للمساهمة في تحقيق التنمية لأي مجتمع، لذلك فإن الإقبال عليها على امتداد سنوات الحياة يعد ضرورة لا غنى عنها، لذا يتوجب علينا بذل الجهود من أجل جعل فعل القراءة والمطالعة محور حياتنا، والسعي نحو ترسيخها في الحياة العامة، من خلال تعزيز بيئة أسرية ومنظومة تربوية تشجعان على تنمية حب القراءة، بالإقبال عليها وإتقانها على امتداد سنوات الحياة.

إن التمكن من القراءة في سن مبكرة يكون له أثر إيجابي على المدى الطويل؛ ذلك أن الأطفال الذين يلجون التعليم الأوليّ منذ السنة الثالثة من عمرهم، يحصلون على نتائج أفضل كما أن الأطفال الذي ينشؤون في بيئة عائلية تحض على القراءة، يقوم فيها الآباء في كثير من الأحيان بإشراكهم في أنشطة قرائية مبكرة، يكون أداؤهم أعلى المتوسط، وباعتبار القراءة كفاية أساسية، تُكتسب داخل المدرسة والأسرة والمجتمع وذات صلة وثيقة بالتربية الوطنية، فإن المكتبات المدرسية والخزانات الوسائطية ومراكز التوثيق داخل مؤسسات التربية والتعليم، تعتبر المحرك الأساسي والخزان الثقافي والمعرفي، الذي سيجعل فعل القراءة يترسخ في النشء، كما أن لها دورا أساسيا في مجال النهوض بالقراءة ومحاربة الأمية والجهل، وتتيح فضاءً مواتٍ للممارسة واكتشاف العديد من الأنشطة المرتبطة بالقراءة، وهي الوسيلة المناسبة للنهوض بثقافة القراءة، وتخلق لنا بنية قرائية مستدامة.

يصعب النهوض بالقراءة دون إثارة دور المدرسة، ففيها يتعلم الطفل كيفية التعرف على الحروف الهجائية وعلى تركيبها على كلمات، علاوة على فهم نصوص أكثر تعقيدا، وبالتالي فالمكتبة المدرسية هي جزء أصيل في دعم خدمات التربية والتعليم في سائر مراحل التعليم وإغنائها، كما لها دور أساسي في ضمان السير العادي للعمل التربوي وتوفير الوسائل التعليمة اللازمة لنجاحه وتحسين مردوده.

المكتبة المدرسية لها بالغ الأثر في نفوس روادها من المتعلمات والمتعلمين والأساتذة من خلال تنمية معارفهم وتطويرها وتحديثها، كما تساعدهم على إعداد دروسهم وإغنائها. اعتباراً مما تقدمه لهم من معارف واسعة، وأنها تؤدي لهم الوظيفة التربوية الترفيهية المزدوجة، وهي وسيلة لتحقيق مجموعة من الأهداف التربوية والثقافية، خاصة للتلميذ إذ تحقق له ما يلي:

مقالات مرتبطة
  • توفير أسباب المتعة والراحة، بعد ساعات طويلة من الدراسة النظامية، باعتبارها مجالا تربويا تختلف طقوسه وتنظيماته عن تلك التي ألفوها في قاعة الدراسة؛
  • إشاعة جو الطمأنينة والحرية، عن طريق إشباع فضولهم لحب الاستطلاع لديهم، وإثارة خيالهم؛
  • تنمي مداركهم وتثري مكتسباتهم المعرفية مع تنويع مجالات المعرفة لديهم، بحيث توفر لهم الأرضية الملائمة للاطلاع المباشر، والمبادرة الحرة، وبذل الجهود الشخصية، ما يجعل خصلة الاعتماد على النفس تترسخ لديهم، كما يتعودون على أساليب العمل الفردي والجماعي؛
  • تربيتهم على البحث والتنقيب، إذ تجعلهم القراءة الحرة يطلِعون على مناهج البحث والتنقيب، مع ترسيخ عادة الفضول العلمي وحب الاستكشاف والمطالعة؛

هذا كله يجعل التلميذ أمام مدرسة تربوية ثقافية أخرى، تجعل من الرغبة والتعددية والحرية مبادئ لها، تحبب له القراءة والكتابة، ويتحقق ذلك من الدور الحيوي الذي تضطلع به المكتبات المدرسية بصفتها بنيات تربوية أساسية داخل المؤسسات التعليمية، لما توفر للمتعلمات والمتعلمين من مراجع مساعدة على إثراء المناهج الدراسية وتعزيز وتيسير مضامينها، وتشجعيهم على الدراسة والبحث، وتوسيع آفاق مداركهم وترسيخ مكتسباتهم الصفية. فلن يتحقق هذا إلا بالعناية التي يجب أن يحاط بها تنظيم وتسيير المكتبات المدرسية، سواء من حيث التجهيزات أو الترتيب، أو توفير شروط العمل في جو يسوده الهدوء والاطمئنان وراحة البال، وتزويدها بما يلبي رغبات التلاميذ ويغذي فضولهم الفكري من المراجع والكتب والموسوعات والمجلات وغيرها من الوسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية، وتعيين قائمين  عليها لهم من الكفاءة والتكوين وحب المطالعة والقدرة على إشاعة ثقافة القراءة ما يؤهلهم بالقيام بواجبهم في توجيه المتعلمات والمتعلمين، ومساعدتهم وتشجيعهم على النحو الذي يجعلهم يرتادون الخزانة برغبة وطواعية.

كما تجدر الإشارة إلى أن دور السادة الأساتذة وأفراد الأسرة والإعلام وجميع الفاعليين التربويين داخل المنظومة التربوية، لهم مهمة التحسيس والإرشاد والتعريف بالأدوار النبيلة للمكتبات المدرسية، وتشجيع المتعلمات والمتعلمين على ارتيادها، وجعل برامج خاصة لها وتحفيزات متمثلة في مسابقات للقراءة وإلقاء عروض ودورات تدريبية خاصة بكيفيات القراءة الصحيحة وتلخيص ومراجعات الكتب، وطرق البحث والتنقيب، كما أنه يتعين التكيف مع الثورة الرقمية التي نعيشها حاليا، وذلك بالاستعانة بوسائل رقمية وتزويد المكتبات بها.


المراجع:

  • تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الموسوم ب ”النهوض بالقراءة، ضرورة ملحة”، إحالة ذاتية رقم 40/2019.
  • المذكرة الوزارية رقم 183 بشأن الخزانات المدرسية الصادرة بتاريخ 19 نونبر 1990 – وزارة التربية الوطنية.
  • المذكرة الوزارية رقم 199 بشأن الخزانة المدرسية الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 1990 – وزارة التربية الوطنية.
  • المذكرة الوزارية رقم 156 بشأن تفعيل أدوار المكتبة المدرسية ونظام الإعارة الصادرة بتاريخ 17 نونبر 2011 – وزارة التربية الوطنية /كتابة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي.

 

 

 

 

1xbet casino siteleri bahis siteleri