نشاء ويشاء القدر!

ربما كانت أحلامهم تفوق سنوات، ربما كانت نظرتهم للحياة مختلفة، أو ربما كان خوفهم الوحيد هو الرحيل بدون وداع ومن تم عزموا على الحلم بالموت معا. لكن ابتعدوا بدون وداع، شاء الزمن أن يضع نقطة نهاية لأحلامهم وطموحاتهم البريئة، حيث أضاع لهم كل ما سعوا لبنائه في ثوان. يا عجباه! مكالمة هاتفية أنهت طريقا ما زال في بدايته؛ إذ كل شيء أصبحت له نهاية وما لم يكن في الحسبان حدث.

كل الأسف لامرأة جعلتها الحياة أرملة في عز شبابها، فقدت زوجها في حادث سير، تلقت خبر موته على الهاتف. لحظة لن تفنى وهي تسمع وداعا في بداية اليوم إلى أن يلتقيا عند نهايته، لكن لم تعلم أن “وداعا” أبدية.

إنه خبر محزن حقا، إحساس لا يدركه إلا من فقد أحد أحبابه. أتعلمون أنها فقدت ما تمنت امتلاكه طوال حياتها، فقدت حب حياتها، سندها، نصف روحها أو إن صح القول روحها بأكملها، حارسها، من كانت تربت على كتفيه وهي تبكي وتشكو ما يوجع قلبها، من كان يمسح دموعها، من كان يرسم الابتسامة على شفتيها صباح مساء، من كان على عهد أن يصبح الأب لأولاد كادوا أن يكونوا عنوانا لدفتر أحلامهم، من كان وعزم أن يكون رفيق ذلك الدرب الطويل الأمد الذي بنوه بكل حماس ورسموا طريقه بطرقهم الخاصة، من أعطاها وقدم كل شيء ولم يبخل ولو للحظة، من كان السبب في سعادتها قبل شهر: “قبل شهر بالتحديد، كان يوم فرحهم، كان يوما استثنائيا حضره الصغير والكبير، كان حفل زفاف أسطوري، كانت سعادتهم ملحوظة، وكانت كل الأعين عليهم، كان حبهم يملأ المكان فرحا وسعادة، كان يوما عنوانه بداية طريق الحب معا.

هذا وإن لم تكن الحياة قاسية عليهم ولو كانت أقدارهم عكس ما حدث، لكن قدر الله وما شاء فعل. ليست المفاجآت دائما جميلة حيث يتفاجأ أصحابها، منها تلك التي تنسيك معنى الفجأة والفرح معا، ومنها ما يضع نهاية لكل ما تلقيته طوال حياتك، ألا وهي مفاجأة الموت، مفاجأة موت أحد أحبابنا وتحديدا الوالدان، الزوج أو الزوجة، الأطفال أو حتى اليافعين.

مهما قست علينا الحياة، ومهما قدمت لنا من معروف، ومهما نلنا منها بسهولة، تأتي وتأخذه في رمش عين، تنزع الشيء لمن أرادت ولا حق نملكه لمحاسبتها، ولا بمقدورنا فعل ذلك. كل ما نملك من طاقة تستنزفها بشتى الطرق. تجعلنا نتذوق مرارة الوحدة وسط جو مملوء بالأصحاب والأحباب، لا يصبح معنى للبسمة وسط جماعة تحاول تخفيف الألم وتضميد الجروح الحديثة.

هو القدر ومحاربته تدخل في إطار عدم تقبله وعدم الرضا به، مهما كانت قدرة تحمله صعبة يهون الله عليك لتتقبلها شيئا فشيئا، فلا تضع شيئا من هذا في دائرة المستحيلات لأن الموت حتمية لن تتغير، تعيش معنا ففينا بين أنفاسنا، بين عطس وحمد. قد يلفظ الواحد منا أنفاسه، لكننا نمارس فن التناسي كلما مر طيف الموت أمام أعيننا.

1xbet casino siteleri bahis siteleri