أمل منكسر

الطريق موحش، الذين تراهم أعيني غرباء لا أعرفهم، تحيات عشوائية وابتسامات بلهاء لم تخفف وحشة الطريق، كأن الكل حولي لكن لا أحد معي. الطريق وعر، لا أكاد أدرك خطاي، كأنهما مقيدتان بشيء لا يستطيع بصري أن يدركه، أهوي إن خطوت أماما، ولا أقدر أن أخطو خلفا، تورمت قدماي، تورم قلبي. الطريق مظلم، أتحسس ما حولي عساني أجد مخرجا، لكن يداي جامدتين لم يستشعرا شيئا، كأن الحياة فقدتني، أم أني فقدت الحياة!

كنجمة تأفل ثم يبرق سناها لحظة، تراءت لي عيون الذين أحبهم، وتزاحمت ذكراهم في صدري كأن الكل حاضر ها هنا، تعرفت وجه أمي الذي علته ابتسامة عفوية، كانت الصورة التي لمحتها باهتة، لكنها واضحة فيَّ، بصيص الأمل هذا وإن كان خيالا أجمل ما أنار عتمتي، أدركت أن الخيبة وإخفاقي أظلاما كل شيء حولي، ولا شيء يكشف هذا الحجاب سوى بعض النور الذي قد أجده داخلي، سأكون شمعة، سأحترق وأنير سبيلي، لا يهمني متى أنتهي، خير أن أكون مضيئا على أن أموت منطفئا.

مقالات مرتبطة

حملتُ خيباتي وانكساراتي أحاول أن أصل مكانا ما رغم أني لا أرى سوى أبواب موصدة، قدماي الحافيتان، المتورمة من دربي، صمدتا حتى ألفيتُ باباً واحداً مفتوحا، باب الصبر، الذي أراه باب عذاب، ثم إن الصبر هو كل ما نملكه إن تاهت بنا السبل، أن تصبر حتى تنال شيئا أو تتجاوز حزنا كأنك تأخد نارا بين كفيك فلا تحس أنهما تحترقان، لكن القلب هو وحده من يحترق شيئا فشيئا. ظاهر الصبر نار وباطنه رحمة، تلك النار ستنير طريقا لا نراه إلا بعد حين، تفضح عيبا قد غفلنا عنه زمنا أو لربما تحاشينا أن نواجهه، تكشف غيبا من رحمة المولى لم ندركه قبلا، نار تُوقد أملا نمقته لأنه تولد من معاناة! وإن كان أملا جريحا يبقى أملا في خضم هذه الدجى.

لم تعد تهمني الخيبات ولا الانكسارات، هي أوقات عسيرة لربما ستتكرر في القريب لا شك في ذلك، لكن ستمضي ونمضي نحن بصبر وثقة في الرب، ثم إن الضجر الذي تتسبب به لا يعدل ما أبتغيه وأرجوه. ثم هو سوء مسني وليس شرا، كل سوء أو حزن هو زائل، ينسى بمجرد أن نفرح ونبتهج في نجاح ما، الذي هو وجه خير وليس خيرا لأنه زائل أيضا، الخير والشر غيب أبدي وأزلي لا ندريه، التوفق أو التعثر أوجه لهما تتوالى على سنين عمرنا، حتى ندرك أنه لا بد من مواصلة السير، لا فائدة من الاستسلام، فلا شيء سيدوم لا الحزن الذي يصيبنا ولا الفرح الذي نسعاه، فعلى الأقل لنسعى أن ندرك أوجه الخير ولا نرضى سواها، حتى نبلغ الخير كله. لطالما يتجلى النور بعد أن يسدل الظلام، وكم سنى الفرج بعد أن أدمس العسر، هي الحياة لا تقبل الرتابة، لا بد من تعثرات، تفوقات وانكسارات، ثم إنه لا يحلو بلوغ غاية ما دون تعب وسهر. كان لا بد من السقوط حتى تعيد شحذ عزيمتك، حتى تلتقط أنفاسك فالطريق لا زال طويلا وشاقاً!

1xbet casino siteleri bahis siteleri