فأحبُّوه: في وفاة سعيد اشتاتو

يمضي يوم ويليه آخر والحال بقدرٍ يتغير، الروح التي لا تَبْذُل قلبها خواء، قالبُها حجر، والنفس التي بين جنبيها دُسَّتْ، نفس تتغذى الجمر!

يا الله، أنت وحدك القادر أن ترمم شقوق نفسي وتلهمها تقواها برحمتك، أنت وحدك القادر أن ترتب خطواتي في درب ما لا أعلم، إلى خير ما أطمح، وأنت وحدك الحكيم أن تيسر بين ما لا أعرف في خير، وما أتمناه أن يصبح! اللهم نفس سوية برضاك ورحمتك يا الله!

النفس بعض من الإنسان، البعض الذي يغلب سريرته، البعض الذي يحكم شيء من قراراته ومساراته، البعض الذي يعيش جل حياته. تتواتر عليها الأحداث فيتواتر حالها، تارة في أسفل يُضنك الحياة ويصور الكون حفرة جحيم! وتارة في سمو، والنفس إن سمت تجلت الروح حينها بكل نقائها وجلالها فإن «الروح من أمر ربي»، وربي جميل كريم، لا يأتي إلا بالجمال! حينها يُرى اليمن في مرورها والخير في دربها، نفس زكية! من خاف نفس سعى إلى صلاحها، سعى إلى الخير، وما هو إلا سعي لأبواب الجنة وتلك طريق مباركة تسمو بالنفس لزكاتها وحسن سجيتها.

السعي للخير حياة أخرى يُصوِبُ الإنسان نفسَهُ عليها، وليست بالسهلة ولا الشاقة، إنما التعود والصبر والإيثار، ولا تُؤْتى في يومٍ واحد، هي عمر بأكمله، تتعدد طرقه ومسالكه وكلها طرق لأبواب الحسنى. الصدقة باب من أبواب الخير والجنة، وأيسر الصدقات الابتسامة، والابتسامة كانت أحلى ما يزين الأريب سعيد!

مقالات مرتبطة

الصدقة باب من أبواب الإحسان، كل من سعى في درب الإحسان إنما هو رحمة المولى في هذه الفانية، والإحسان صورة لقلب وروح فاعله، هو حُلي لا يشريها الغالي والنفيس، ولا يعدله إلا نشوة الفرح والراحة بعد أن يبلغ مقصده وأهله. وعن سعيد، فقد كان كل ذلك، باسم الثغر، لين الحضور، رحمة الله بين عباده.

بنفس الابتسامة التي رأيتك بها، شخصت في خيالي طوال أيام منذ وفاتك، كان يوم غربت شمسه منذ صباحه. كلما سمعت حديثا عنك، كتمت شجناً وغالبت ماء العين بأن أغلقهما، أكتفي بسلام الله ورحمته على روحك!

لا أحتاج لأعرفك بتفاصيلك، تكفيني تلك الابتسامة التي سكنت قلبي منذ مدة، كانت فأل خير في هذا البلد الحبيب، كنت لا ألقي لبعض التفاصيل بالا، لكن أدركت متأخرا «إن الله يحب فلانا فأحبوه»، وكيف من رُسِم على محياه حب الخالق أن لا يحبه المخلوق، ومن جُعِلَ له في القلوب القَبول، فكل من سمع عنه دعا له، ومنهم من فاضت عيناه حتى إن لم يسبق أن عرفه، ففي قلبه قبول الرحمان لحب الجميل السعيد!

لم يكن الموت فراق بيننا، إنما هو موت النفس، أما الروح فعند ربها المأوى، تصعد إلى السماء الدنيا، فترى العالم الفسيح. روحك الطيبة المباركة يلاقيها من صَدَقَكَ حُبا في رُؤياه، تُكْرَمُ دعاءا إن صادقٌ حُبَكَ الشوقُ أثقلَه!

بسمتك يا أخي وخطواتك في هذه البسيطة منهاج لمن أراد صلاحا وذكرى لكل من نسي «إنما هذه الحياة الدنيا» وأن «إلى ربك الرجعى» وتباتا لمن يخطون درب «للذين أحسنوا الحسنى وزيادة». فاللهم إنا نحسَبُ الحبيب سعيد من الذين أحسنوا فاللهم جعل له الحسنى وزيادة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri