اكتب لتحيا!

يلجأ العديد منا أحيانا إلى الكتابة لسبب يبقى دائما مجهولا، فبين كل هذا الازدحام، يجد المرء نفسه فجأة حاملا القلم والورقة وشارعا في تدوين كل ما يخطر في باله. فلِمَ هذا الاختيار بالضبط؟ لِمَ نختار الكتابة ونجدها الحل الأمثل؟ حين يصل المرء إلى أعلى درجات الحزن، يلجأ غالبا إلى الكتابة لأنه يجدها أسهل وسيلة للتخفيف عن نفسه، لنسيان ما يعيشه والغوص في عالم الحروف اللامنتهي. ربما لأنه لا يجد شخصاً مناسبا يمكن أن يتحمل حالته تلك وينصت له، أو ربما لأن الثقة انعدمت في عصرنا الحالي، لذلك يجد أن الورق أوثق من بعض الأشخاص.

كلما كتب المرء ما يحس به وما يعاني منه أحس بحالة أفضل، كلما تراكمت الحروف على صفحته البيضاء، أحس بارتياح أكثر؛ وكأنه يتلقى حصة علاج مع طبيب نفسي، كأنه وجد حلا لهمومه وأحزانه. ليس بالضرورة أن تكتب بأسلوب فخم أو بمعجم غني، ففقط تلك الكلمات البسيطة التي تخرج مسرعة من ذهنك محاولة التموضع على الورق قادرة على تغيير مزاجك وتحسينه، قادرة على جعلك إنسانا آخر.

مقالات مرتبطة

في الحقيقة، الكتابة شيء عظيم، شيء يجعلنا أقوياء مع مرور الوقت، كيف ذلك؟ كلما كتب المرء وعبر عن حالته جمع العديد من الأحداث التي قد يعود لها يوما ليتصفحها ويكون قد تخطى كل ذلك، يقرأ كم كان قويا رغم قساوة الحياة التي دفعته للكتابة بتلك الحرقة، فقد كان يظهر قوته أمام الآخرين في حين أنه يبكي كل ليلة على أوراقه التي باتت بئيسة بقوة أحداثه الكئيبة. كم هو جميل أن يعلم بضعفك الورق فقط! تعتبر الكتابة كذلك، أفضل وسيلة للتواصل، فلولاها لما استطعنا التعرف على بعضنا؛ فحين تكتب تجعل الآخرين يتعرفون عليك أكثر، يتعرفون على مجالاتك وميولاتك…حتى ولو لم ترد إظهار ذلك فأسطرك تلك تدلنا عليك.

اكتب لتحيا! عبارة غريبة نوعا ما لكنها حقا معبرة، فعندما تكتب تحس أنك تفعم بالحياة من جديد، تحس أنك أفرغت كل طاقاتك السلبية، لتجددها بأخرى إيجابية كأنك انتقلت من حياة إلى أخرى، من حزن وغم إلى حيوية وطمأنينة. في البداية، طرحت سؤالا شبيها بـ “لماذا نكتب؟” فلا زالت أفكاري تتسابق، كل منها يحاول أن يكتب الجواب المقنع لهذا الإشكال. نكتب ربما لأننا تعبنا من الواقع، فنبحث دائما عن الفرصة لنتهرب منه ما أمكن، لننسى مُرَّهُ وقساوته ولنتحلى بطعم الحروف، والكلمات والعبارات التي باتت توأم روحنا. كختام لكل هذا، كلما ذبلت تلك الزهرة الجميلة المترعرعة داخلك، حاول أن تسقيها ببعض الحروف لتزهر من جديد وتفوح رائحتها العطرة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri