المنتصف هو محرقة الأحلام ومحطة اللاشغف

أليس الوقوف في المنتصف أمر صعب، أن تجد نفسك محاصراً من قِبَلِ البداية والنهاية، فلا أنت تستطيع الرجوع للبداية لتصحيح أخطاء الماضي الذي بسببه آلت إليه الأوضاع الراهنة، ولا أنت قادر على الوصول إلى النهاية لتتفادى الألم الذي يمزقك من الداخل، الذي حوَّلَ داخلك إلى فضاء فارغ من النجوم التي كانت تضيئه فيما مضى؛ لا الشمس قادرة على أن تشرق في نهارك ولا القمر قادر على البزوغ ليلا في سمائك.

أعلم أنك تعبت، وأعلم أنك حاولت مرارا التقدم نحو الأمام ولكن، ولكن في كل مرة تحاول فيها الوقوف صامداً، تأتيك صفعة من الحياة تجعلك تستيقظ على مرارة ما تمر به من أحداث، ورغم ذلك ما زلت تحاول! وجُلَّ ما يدور في ذهنك هو لماذا؟ كيف؟ لماذا يحدث معي كل هذا؟ لماذا أنا بالضبط؟ لماذا يتطلب وصولي إلى برِّ الأمان كل هذه المشقة؟ كيف يمكنني الاستمرار وأنا لست منتميا للعالم الذي أعيشه الآن؟ ما العمل؟ أريد حلاََ يريحني ويزرع السكينة في قلبي؟ تسأل كل هذا وأنت ما زلت تحاول! ورغم شعورك بالضياع، ما زلت صامداََ أمام مفاجآت الحياة وصعابها.

يقولون إن الفشل هو الواجهة الأمامية للنجاح، وينسون أن يحيطوننا علما أن الصبر هو واجهته الخلفية التي لا يتقنها إلا الأقوياء الذين تكرههم الحياة! نعم الحياة تكره الأقوياء وتعشق الضعفاء الذين يستسلمون من أول محاولة، لأنها غير مجبرة على تقديم شيْءٍ لهم على عكس الأقوياء، أولئك المحاربون الذين رغم انهزاماتهم المتكررة ما زالوا يتحدونها ويعاودون الكرَّةِ دون استسلام، رغم ذلك الفراغ الذي يسكنهم من الداخل، وفي آخر المطاف، الحياة هي التي تستسلم وتقدم لهم ما يريدون.

مقالات مرتبطة

الحياة خُلقت منا وفينا، فلا نحن قادرون على التملص منها ولا هي قادرة على التخلي عنا، ولن يكون لها معنى لو لم نكن موجودين فيها، ولم يكن للوصول ملذَةً لو لم يكن رفيق دربنا في معظم الأحيان خيباتنا وفشلنا، اللذان بدونهما لم يكن للنجاح معنى.

كل ما يجب علينا فعله، هو أن نثق في التوقيت المناسب الذي فيه سيأخذ كل شيء في حياتنا مجراه المناسب، أن لا نقارن تطورنا مع أحد من أصدقائنا أو أقاربنا فليس ما نمر به أو ما سنمر به، قد مرَّ به الآخرون أو سيمرون، لكل منا حياة وظروف مختلفة، منفصلة تماما عن الآخرين.

في آخر المطاف سننجو كما نجونا من كل ما سبق! الأهم أن لا نستسلم، حتى وإن ظننا أننا لسنا بالقوة الكافية لنتجاوز ما يحصل، فكما قال الإمام علي ابن طالب كرَّم الله وجهه: “وتحسب أنك جرم صغير، وفيك انطوى العالم الأكبر”·

1xbet casino siteleri bahis siteleri