اللعب في الحضانة: وسيلة للتعلم أم مضيعة للوقت؟

415

يعتبر اللعب لغة الطفل التي يعبر بها عن رغباته وميولاته وحتى قدراته، وحسب كاثرين تايلور فاللعب هو أنفاس الحياة للطفل وليس مجرد طريقة لتمضية الوقت وإشغال الذات.

وهنا يجب أن نفرق بين نوعين من اللعب، اللعب الحر غير الموجه واللعب التربوي الموجه الذي نبغي من ورائه تحقيق التعليم لدى الأطفال وأيضا نوع من المتعة والتسلية. يقول المربي آرتشر أن هناك مستويين من اللعب يهدف أحدهما إلى جعل الطفل في حالة انشغال دائم، أما الآخر فيُسهم في تطويره التعليمي.

وعلى أهمية اللعب عند الأطفال، وأهمية دمج المتعة والتسلية في التعليم المبكر خاصة، إلا أن معظم المربيات يشتكون من أن الآباء يرون أن اللعب هو مجرد مضعية للوقت وأن الأطفال لا يتعلمون أي شيء من اللعب، فالأعراف الاجتماعية اقتدت أن اللعب يكون في وقت الفراغ، أو كمكافأة بعد الانتهاء من الواجبات المدرسية، أو لشغل الطفل لبعض الوقت أثناء قيام الأم بالمهام المنزلية.

أظهرت الدراسات التي أجريت على بعض رياض الأطفال أن جودة التعليم كانت سيئة جدا وأن المحصلة جاءت ضعيفة ودون المتوقع حين استخدم اللعب كوسيلة ترفيهية لا كأداة تربوية تعليمية، أي كنشاط موجه من الحضانة ككل ويندرج ضمن منهجها التعليمي.

وتُعد المربية والطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري (1870- 1952) من أوائل من انتبه لهذه المشكلة، ومن أوائل من حاول إثبات أن اللعب هو أفضل وسيلة لتعلم الطفل وللتعرف على قدراته وتطويرها، وليس مجرد وسيلة ترفيهية لشغل الطفل لبعض الوقت.

تقول مونتيسوري: “يجب أن يكون هدف التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة هو تنشيط رغبة الطفل الطبيعية في التعلم وليس بإكراهه على التعلم.” حيث ترى أن الطفل يملك قدرة ورغبة طبيعية في الاستكشاف والتعلم وأن هدف التعلم هو فقط تنشيط هذه الرغبة الموجودة أصلا في داخل الطفل، كما ترى مونتيسوري أن الطفل لا يحتاج لمحفزات خارجية لدفعه للتعلم بل هو من يملك تلك المحفزات.

وضعت مونتيسوري منهجا قائما على اللعب الموجه في تعليم الأطفال، والذي من خلاله يُنمي الطفل قدراته التي يملكها مسبقا، ويكتسب خبرات جديدة يحتاجها في حياته اليومية، ولهذا ركزت مونتيسوري على الخبرات اليومية في تعليم الأطفال. وتطالبنا بألا نساعد الطفل في مهمة يشعر أنه يمكن أن ينجح فيها لوحده.

وأكدت لنا الدراسات الحديثة أن الأطفال يكونون أكثر قدرة على تذكر المعلومات وما قاموا به أثناء اللعب، كما أن اللعب يتيح للمتعلمين الصغار التصرف على سجيتهم وطبيعتهم، مما يجعل المربي قادرا على التعرف على شخصية الطفل الحقيقية، كما يمكن من خلال اللعب تشخيص بعض الأمراض النفسية بالخصوص التي قد يعاني منها الطفل، وبالتالي التمكن من علاجها مبكرا. حيث يعتبر عالم النفس الشهير سيغموند فرويد أن اللعب عند الصغار هو كالتداعي الحر عن الكبار، حيث يمكننا اللعب من تحليل نفسية الطفل، كما يعد منفذا لتفريغ الانفعالات المكبوتة والتخفيف من التوترات الناتجة عن العجز.

وعلى العموم فاللعب عند الطفل هو ضرورة وحاجة كالأكل والشرب والنوم، والطفل الذي لا يلعب كأقرانه من الأطفال هو طفل قد يعاني من اضطراب ما، ويجب على الآباء والأمهات أن يبحثوا عن مكمن الخلل قبل فوات الأوان. كما يجب أن يغيروا تلك النظرة النمطية عن اللعب كمضيعة للوقت، أو كمجرد وسيلة لشغل الأطفال. واليوم كثير من الأفكار الشاذة، والسلوكيات غير السوية يتم تمريرها للأطفال عن طريق اللعب، لذا على الآباء والأمهات وكذا المربين والمربيات أن ينتبهوا لطريقة لعب أطفالهم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri