عندما أدركت

اهتز بدني وفزعت روحي حين علمت أني على خطى العشرينات، أخطو إلى عمر لطالما خلته بعيداـ أعيش على واقع مضى عنه الدهر وتوالت بعده السنون، ولا يزال عقلي يرفض أن يودع عام الجائحة ويمضي في الحاضر، ولا زالت أعيني تجحض كلما رمقت تاريخ اليوم ونظري بشدة يتركز على اثنتين كانت بالأمس صفرين، منذ سن الرشد والوقت بذهني توقف ومرور سنتين بهذه السرعة لم يكن متوقعا، الشهور أيام، والأيام ساعات، والساعات دقائق معدودة.

ما بال الوقت يذهب عنا لحظات لطالما ترقبناها بكل شوق وصبر يفقدنا لذتها ويمضي دون سابق إنذار، حتى أننا خلنا منذ مدة أن الحياة تتوقف عند غياب بعض الناس، أناس ألفنا رؤيتهم وأجمل الذكريات صنعناها بمعيتهم وخلنا أننا لن نقوى على فراقهم، صرنا بالكاد نراهم، والحديث معهم يتراجع يوما بعد يوم.

مقالات مرتبطة

إن هانت كل هاته الأمور فبعدك عن نفسك ليس بالأمر المقبول، إني لأود بشدة أن يقف الزمن للحظة ألتقط فيها أنفاسي وأنتشل فيها روحي المتعبة من أنقاض الحياة، أضخ فيها أملا ورجاء وأسقي جسدي الذابل المنهمك فينبض قلبه من جديد.

كلما حاولت استرجاع ما مضى تراقصت بمخيلتي لحظات قصيرة ومبعثرة، كلما أطلت النظر بإحداها توارت كالسراب وكأني رأيتها بحلمي فقط ولم يكن لها وجود قط لا أعلم على من يصح أن ألقي اللوم؟ هل الوقت؟ أم أن لعنة الجائحة هي التي تتحكم بحيواتنا؟ أم أني ضللت طعم الحياة دون طوعي؟ لكن، إن غاب ما غاب فإني تعودت على غروب الشمس بعد طلوعها، فكلما ضاع مني خيط البداية، ووجدت نفسي شاردة وسط كومة من الأفكار، وضللت السبيل، والهموم تلاحقني من كل حدب وصوب، فإني على ثقة أن الشمس ستشرق من جديد والظلام الحالك فترة ويزول ولا بد من صبر وعمل، هما الاثنين معا، فالوقت لا ينتظر أحدا.

القاطرة تسير، إن لم تلحق بالركب فقد أطلت المسير دون جدوى وإن ضعفت الأواصر وغاب من عهدناهم مركز الحياة، فعلاقات جديدة يحبكها لنا الزمن ووجوه لم نعتدها سنأنسها رويدا رويدا، إنها مسألة وقت فقط، سنمنح لذواتنا فرصة فهم مجريات الأمور وإن من المستحيل أن تظل الأمور راسخة على حالها دون تقدم وإن كانت البداية تكاد تتطابق مع النهاية فلا بد من بصيص حياة بينهم أحضنه بكل قوة وأعيشه لحظة بلحظة، فلا جدوى في أن تعارك الزمن على ما فات أو على ما مضى، فأنت بفعلك تخسر ما لا يقدر بثمن وتحجب عنك رؤية الأمل وتظلم نفسك التي تستحق الأفضل.

1xbet casino siteleri bahis siteleri