بين مقاصد العيد وعدوى التقليد

عندما يقترب عيد الأضحى المبارك تبدأ صفارات الإنذار تدوي في بيوت المغاربة الذين ينتمي أغلبهم إلى الطبقة الفقيرة والطبقة المتوسطة التي تعتبر في طورالانقراض.

يصادف عيد أضحى هذا العام مجموعة من المناسبات التي تستنزف الجيوب فيصبح المواطن “المدعوق” في حيرة من أمره، يصادف تحديدا حدثين عظيمين جليلين : العودة من العطلة والدخول المدرسي.




أؤمن يقينا بأن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج، أي أنه لا يجب على أي مسلم أن يكلف نفسه أكثر من طاقته لكي يرضي مجتمعا يعنى بالظاهر – شكل الأضحية وحجمها ووزنها ولحمها وشحمها وأصوافها وأوبارها وأشعارها وقرونها – أكثر من الباطن وهو التقرب إلى الله ونيل التقوى. كما أؤمن يقينا بأن الغاية من حفل الزفاف هو الإشهار والفرح وليس التباهي والتفاخر والتبذير. أؤمن أيضاً بأن الغاية من الحج هو أداء الركن الركين وتوطيد الحبل المتين الذي يصله بالله، وليس نيل الألقاب وتزيين البيان الشخصي للتجارة والصناعة والسياسة، وأؤمن أخيرا яндексوليس آخرا بأن الانتساب للإسلام كدين يكون بعد تفكر وتدبر وقناعة كاملة، وليس تبعية وثقافة وإرضاء للمجتمع.

مقالات مرتبطة

جاءتني فكرة هذا المقال بعدما تلقيت خلال هذا الأسبوع في عيادتي العديد من المرضى الذين فضلوا المخاطرة بحالتهم الصحية، وذلك بشراء كبش العيد عوض إجراء العملية الجراحية، لأن الحالة المادية لا تسمح بالقيام بالأمرين … كيف يمكن للإنسان أن يفعل ذلك؟ أن يجازف بحياته من أجل “حولي”؟ أن يسمح لصحته بالتدهور خوفا من كلام الناس ونظرة المجتمع؟

هذا المجتمع الذي يعاني من انفصام حاد في الشخصية تلزمه إعادة الهيكلة على أسس فكرية متينة … تجد المغربي لا يصلي ولكن يفعل قصارى جهده لكي يجلب لعائلته الأضحية … يهمل الفرض بل الركن ويقدس السنة التي تسقط عنه تلقائيا عند عدم القدرة … ينتحر و”كيتشطر” على حالته الصحية المتدهورة لكنه مستعد لتنظيم عرس يتحدث عنه الناس لسنوات

المستفيد من هذه الأمراض العقلية ليس هم أطباء الأمراض العقلية والنفسية طبعا – بسبب “الشطارة”، تعتبر زيارة “البسيكياطر” الذي لا زال يسمى عندنا “طبيب الحماق” أمرا لا تستسيغه العائلات المغربية أيضاً – بل الأبناك التي تستغل هذه الشيزوفرينيا لمنح قروض للناس الذين يخافون من كلام الناس … الأبناك تستغل الإفراط في الأنانية والفردية وتلاشي مفاهيم التضامن والتكافل والتآزر التي بدأت تطبع مجتمعنا المغربي كذلك، فتصبح الملجأ الأوحد للعائلات ذات الدخل المحدود لإنقاذ ماء الوجه … الوجه الذي لم يجد الخير في أثرياء البلد الذين إن أدوا الزكاة وأدوا الصدقات زال الحرج عن المحتاجين وعمت فرحة العيد بيوت المساكين.




ارتباط عيد الأضحى بالثقافة “المعدية” – من المعدة – تنسينا مع كامل الأسف المقاصد من هذا الحدث السنوي المهم … هذه المقاصد تذوب مع “الهيلمان اللحمي البولفافي” المواكب للعيد … ننسى بأن الغاية من العيد هو التفكر في الابتلاءات التي تتبعها الأفراح و المسرات إن تسلح الإنسان بالصبر واليقين : كيف فرق الله بين سيدنا إبراهيم وزوجته هاجر، التي هاجرت كرها والتي لم تجد سوى الواحد الأحد عندما اشتد عليها المخاض في وسط الصحراء… وكيف فرق بينه وبين ابنه عندما أمره بذبحه ليختبر ثقته وطاعته ومدى تضحيته… وكيف كان الجزاء العظيم والفداء الإلهي الجليل بكبش يذبح تخليدا لهذه التضحية النبوية إلى يومنا هذا، ليعلم الناس بأن مع العسر يسرا وأنه سبحانه يبتلي ليغفر ويمحص. بدأنا بالطبقة “المطحونة” وسنختم بها … فمن مقاصد العيد أن يصل غني العائلة فقيرها … وأن يتصدق بثلث الأضحية للفقراء… وأن يعطي اللي عندو جوج جوج من الحاجة اللي ما عندو تا حاجة … فيتصدق الذي يضحي بكبشين للذي يختبئ من الناس بعد صلاة العيد لأنه لا يملك كبش يومه



1xbet casino siteleri bahis siteleri