فخ المقارنة

كل هذه الأمور جعلت الإنسان يقع فريسة سهلة للعالم الرقمي الافتراضي؛ فتلك النظرة الضيقة والتحليل اللحظي لما يجري بين الصفحات والبروفايلات ما هي إلا جزء صغير من الواقع. أفهم جيدا أن الإنسان حبيس مشاعره وما يراه في تلك اللحظة، فعندما يفتح الانستغرام ويرى على السطوري أو على منشور متبث أن فلانا الذي يعرفه أو فقط يتابعه من مدة قد حصل على وظيفة مرموقة، أو أن فلانة تتواجد حاليا ببلد معين تستمتع بمناظره وتتجول بين أزقته ومآثره، أو أن أحد أفراد عائلته قد حصل على آخر إصدار لهواتف الأيفون….لقد أصبح الإنسان منغمسا في متابعة الآخرين وتصفح مستجداتهم في كل ثانية وغفل عن مستجداته وطموحاته إلى الحد الذي قد يحتقر فيه تلك الإنجازات التي أحرزها في مساره بجهد لا يستهان به في الواقع مهما كانت تلك الإنجازات صغيرة.

يجب على كل إنسان أن يفهم أن تلك الممارسات التي يظهرها الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي ما هي إلا حرباً وهمية، وأمورا إذا أذنت لها بالدخول إلى قرارة نفسك ستصبح بذلك في دوامة من التناقضات ونفسية غير متوازنة وتتساءل في الوقت نفسه كيف حدث لي هذا!

إن الناس يا صديقي تتسارع مع الزمن لتحشر نفسها وتحكم على بعضها البعض من خلال الملبس ثم المأكل ثم الأفعال، وإذا تسنى لها أن تنقض على الأفكار لتحكم عليها فلن تتردد…بطبيعة الحال كل هذه الممارسات ليست من حقها أصلاً.

لذلك، تذكر جيدا أن لك الحق كل الحق في العيش بكل أريحية وبالكيفية التي تعجبك أنت لا الناس، فلست ملزما بأن تفكر مثلهم أو تتصرف كما يعجبهم أو تلبس على ذوقهم…فقط افعل ما تراه مناسبا لك وفق قناعاتك ومبادئك ما دامت هذه القرارات لا تمس ولا تضر بحياة شخص آخر. ثم حاول قدر الإمكان بأن تخلو بنفسك بين الفينة والأخرى، وأن تصالح ذاتك بكل مكوناتها وقم كل يوم برسم خارطة الطريق التي ستسلك بأبسط ما تملك لا تكلف نفسك أكبر من طاقتها فقدراتك ستتطور بالتخطيط الجيد والعمل الذؤوب والنقطة الأهم هي الاستمرارية فلا نجاح يحدث بين ليلة وضحاها.

وحاول كذلك الابتعاد عن جلد الذات ولا تنهك نفسك بمحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة إن كنت تحاول، فشرف المحاولة وشرف البدء وشرف العزيمة هي نقاط قوة لا يمتلكها الجميع. لا تحاول أن تكون مثاليا ففي نهاية الأمر ستنتكس وتتراجع وتضغط على أعصابك وعندها ستشعر بالإحباط واليأس، وستتوقف عن المحاولة ثم يكون مصيرك الجلوس مع من يراقبون ويصفقون.