من نجى من الزلزال؟ لا أحد!

الزلزال هو اهتزاز عنيف مفاجئ وسريع للأرض دون سابق إنذار، أم هو هزة لكيان الوجود وارتجاج وظيفي يلغي كل الحدود ويلملم الحشود، زعزعة لكل المشاعر الإنسانية والمعاني الأخلاقية ومفاهيم ومفردات الحياة، أم ببساطة انهيار أسقف التطلعات وشقوق الرفات عند الصدع وتضارب الموجات!

من نجى من الزلزال؟ لا أحد!
ليست صورة نمطية اعتاد شعب وثيق الصلة بأرضه ووطنه أن يرى أو يسمع بها، بل فاجعة أضرمت في القلوب نيران الحزن والأسى والفقد، الكل فاقد والمفقود رضيعة وشاب وأخ وأب وجارة وعم وشيخ… المفقود أرواح شهداء طيبة والقلب مكسور منفطر.

من نجى من الزلزال؟ لا أحد!
وأنت بين الركام مرمي، ذراعك مفصولة عن جسدك والسور الخلفي الذي أعاد ترميمه أباك وقامت بتحنيكه أمك بالطين والتبن هو الآن فوق ظهرك، الظلام يحيط بك وتسمع جدك بجانبك يلفظ آخر الأنفاس، لا مجال لتعي ما جرى أو يجري، قد تصل الفرق الإنقاذية والطبية للمساعدة كما قد لا تصل أبدا. فقد يكون سقفك الذي كان يحميك حر الصيف ويقيك برد الشتاء وهو نعمة لك، هو الآن الذي يسقط عليك ويلقي بحتفك وهو نقمة عليك.

من نجى من الزلزال؟ لا أحد!
أو أنت المهرول المفزوع الذي ما إن استشعرت أولى حركات زحزحة تحت قدميك حتى أسرعت راكضا تصرخ وخارجا تبحث عن منأى وافترشت رصيف الشارع، وكانت السماء لحافك الساتر والحامي، لم تهدأ بل زاد رعبك ولم يغمض لك جفن ليلتها.

من نجى من الزلزال؟ لا أحد!
أنت البعيد الذي لم تتزحزح بك الأرض قيد أنملة، ولم تدرِ ما يحدث إلا بعد ساعات ربما، ترى هل نجوت مما رأيت؟ هل استوعبت ما يحصل؟ وهل أدركت كم الدمار وسمعت قصص القرى والدواوير المختفية؟

من نجى من الزلزال؟ لا أحد!
لا يتخطى الإنسان آلامه بالقفز عنها وتجاوزها بسهولة، بل بعيشها ومواجهتها، فهل يستطيع وميض الأمل أن يمحو خدوش الذاكرة وحلك سيول الدم والدمع ونستطيع أن ننجو؟!

وإن كان الثبات أمام كل التغيير؛ أن العطاء والمساعدة والمساندة علاج وصك لحياة أخرى ربما تستحق أن تعاش بعد أن أذن لها لطف من الله، وإن أعادوا البيوت والأماكن فمن يعيد الأهل والرفاق؟ فما دمره الزلزال في ثوان هل تعيده السنون والأموال؟ فمتى نستطيع أن ننجو!؟

1xbet casino siteleri bahis siteleri