بداخلك إنسان

بداخلك إنسان، إنسان خلق بفطرة تقديم مصلحته على مصلحة الناس، ولعل القليل منا قد يقدم مصلحة الناس على مصلحته، فلكل بطبيعته. ولكن تبقى دائما تربية الوالدين بمثابة انعكاس على مستقبل صغارهم.

بداخلك إنسان، إذا صاحب الغير وثق فيه. كشف له أسراره، وخباياه، وسلبياته. فيسهل على المغرورين أمر القضاء عليه، ولعل القليل منا لا يثق فيمن صاحب؛ فالثقة العمياء قد لا تنفع حتى مع أقرب أقربائك وإن صح القول حتى “أخوك وأختك”. لقد غاب عهد الثقة المفرطة: الجار مع جاره، والصديق مع صديقه، والبائع مع البائع، والموظف مع الموظف، فاليوم لا تنفع قرابة صداقة ولا عمل، إنما ينفعك ما تعلمته من مدرسة الحياة فقط.

بداخلك إنسان، إذا غاب عنه الوالدان لعبت به الدنيا واصطادته بشباك الأخطاء والأمور الطاغية. فالوالدان كنز من كنوز الدنيا لا نعلم قيمتهم إلا عند فقدانهم، هم أقرب وأصدق الناس إليك فعاملهم كما أوصاك دينك، اضبط أمورك معهم فسيأتي يوم ستتمنى لو تراهم وتعانقهم لدقيقة واحدة فعاملهم بالتي هي أحسن.

بداخلك إنسان، إذا وقع في مشكلة ما، ضعف وانقطعت حبال قوته، فلا يجد من غير الله ملجأ لعل الله يجعل ما بعد العسر يسرا، فنجد القليل من يتسم بالقوة والشجاعة في هذه المواقف فلا يتخوف من شيء مهما كانت نسبة خطورته. بداخلك إنسان، إذا شق طريقه نحو هدفه إما أن يتكاسل عنه أو يتممه بنجاح. لكن الظروف تحسم أيا كانت النتيجة، فدائما ما سيكون إما النجاح أو الفشل!

بداخلك إنسان، مهما كانت قوته فلديه نقطة ضعف لا يريد إظهارها، لكن مع مرور الوقت تظهر بشكل غير مباشر. نجد القليل من يتمكن من إخفائها لوقت أطول، لكنها ستظهر يوما ما. بداخلك إنسان، يعترف بمجهوداته أمام الجميع دون أن يذكر أخطاءه، لأنه يعي أنه إذا ذكر أخطاءه تفوق عليه الآخرون وعلموا بأسرار إتقان عمله.

بداخلك إنسان، إذا سمع مشاكل غيره، دخلته السعادة لأنه ليس لديه أمثال تلك المشاكل الضخمة وأن مشاكله قليلة قد يجد لها حلولا تساعده على الابتعاد عنها. بداخلك إنسان، مجهول الشخصية، لكنه جذاب، يحب مظهره الخارجي ويهتم به وينسى المظهر الداخلي الذي هو الأهم والأولى.

إن عالمنا اليوم يعي أن الناس بات يهمهم ذلك المظهر (تصميم اللباس، تناسق الألوان، الموضة والأزياء الراقية..)، لكنهم ينسون ما يسمونه بالشخصية وقمة ثباتها ووقارها وما يغلب عليها من طابع الجمال والرقة، وللأسف، لا يدركون الناس حقيقته الداخلية. وهذا ما نرى اليوم، في زمانا اليوم، الزمن المعاصر، فالمظاهر قد تظهر لك الشيء الجميل وترمي لك الأشياء الخبيثة لدى الإنسان. وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله في قصيدته: “للناس ظاهر والمظاهر تخدع، فلا تحكمن بالذي تراه وتسمع، فرب باك ودمعه مزيف ورب باسم وقلبه يدمع “.

بداخلك إنسان، حلو طباع، أنيس لوحدة الناس، شغوف لسماع مشاكلهم وإيجاد حلول لها، يهتم بهم، يساعدهم ويتمنى لهم النجاح والبهجة والسرور والعفو والعافية. كريم، أمين لأسرارهم، يساعده في الحياة رضا والديه، إذا وقع في مشكلة ما يجد لها الحل ولا يستسلم. يعترف بأخطائه، ولا يخبئها لأنه يريد من الآخرين أن يتعلموا منه ومن تجاربه.

بداخلك إنسان، نعم إنسان، مهما كانت طباعه وسلوكياته سلبية أم إيجابية إلا أنه سيظل الإنسان الذي بعقله وقدراته وميولاته عرف أنه إنسان!

1xbet casino siteleri bahis siteleri