بعد كل سقوط نهوض

في الأمس، كان البلد يعيش في حالة من الرعب والخوف بعد الهزة الأرضية، كان الناس يشعرون بالحيرة حول ما يجب
القيام به. كانوا يتساءلون عن مصير حياتهم بعد فقدان عائلاتهم، عقولهم أنهكها التفكير وقلوبهم لم تتوقف عن الارتجاف. مع ذلك لا يوجد لنا خيار سوى النهوض واستغلال أي قوة متبقية لدينا لنستمر في المضي قدًما.

في كل ثانية نعيشها، يمضي عمرنا وتتراكم ذكرياتنا، سواء كانت حلوة أو سيئة. يبقى الأصدقاء والمعارف والأحاديث
التي ترسخت في ذهننا. قابلت العديد من الأشخاص في رحلتي، بعضهم لا زال حاضرا في ذاكرتي حتى الآن، بينما
يغيب البعض الآخر في طي النسيان. من الصعب أن أقول إنه بين هؤلاء الأشخاص الذين التقيت بهم، هناك من جعلني
أكره اسمه فقط بذكره. هذا الشعور لم يأت من فراغ، فقد تعرضت للكثير من الصعاب بسببهم. لن أنسى الليالي التي
هجرني فيها النوم وأنا أفكر في كلماتهم الجارحة.

وأنا أكتب هذه الكلمات أتذكر أسماءهم بصعوبة، لم أحتفظ إلا بالعبر والدروس التي استخلصتها عندما وجدت ترياقاً
لأتعافى من سمومهم. الآن، وبقوتي العقلية، أود أن أشكرهم لأنهم ساهموا في الوصول إلى أفضل نسخة من نفسي.
هناك العديد من الأمور في حياتي أولى من التفكير في أناس لا وجود لهم. التفكير في مستقبلي واستيعاب صدمتي لعدم
قدرتي على الكتابة والقراءة، مجرد التفكير فيهما يمس كل وتر في داخلي وتحرك كل خصلة من رأسي، ويصبح ذهني
يطرح الكثير من الأسئلة. ما الحل؟ ماذا سيحدث غدا؟ أي طريق يجب أن أسلك؟

الحياة بها العديد من المغامرات التي يجب التغلب عليها، ومن المؤسف أن يظل الإنسان عالقا بها. إن الشكوى والصراخ
لا يقودنا إلا لتدمير الذات وتحطيمها. ماذا يعني إضاعة الوقت في التفكير بتفاصيل الحياة بينما يمكن للموت أن يطرق
بابنا في أي لحظة؟

لدي العديد من القصص والأخطاء والإنجازات التي لا يمكن حصرها، ولكني دائما فخورة بها. أنا فخورة بأنني أستطيع النهوض بعد كل سقوط ومواصلة السير في الطريق. هناك حياة يجب أن نعيشها بالكامل، وهناك بعض الأحلام التي يجب أن تتحقق، مثلما رأينا اليوم زلزال الحوز الذي دمر العديد من العائلات، إلا أن بعض الناس تغلبوا على هاته المأساة، لذلك يمكننا القول إن قدرتنا على الصمود من الصعب تخيلها. فما الذي يمنعنا من تحقيق كل ما نحلم به وتعويض كل ما فات؟

إن سعينا الدائم للسهولة يدمر تحقيقنا لذاتنا في هذه الحياة، فالصعوبة لها متعتها الخاصة، تتجسد في المثابرة والتفاني. كما
يقول مصطفى محمود: “لا تحزن عند الصدمات..فلولاها لبقينا مخدوعين لمدة طويلة..هي قاسية، لكنها صادقة“. فالحياة أعمق مما نتصور، وأصعب مما نتخيل، وأجمل مما نتوقع. إنني أمثل مفهوم الحياة كالكعكة التي نتعلمها بمكونات بسيطة، وحين نحصل على النتيجة نصبح نتفنن بها، ويصبح صنع الكعكة من اختصاصنا. كذلك مكونات الحياة بها الكثير من العراقيل والمنعرجات التي يجب تخطيها للوصول إلى رغباتنا.

1xbet casino siteleri bahis siteleri