الاقتصاد الجزيئي والحب…ما العلاقة؟

“عجيب أمر قلب يرتجي حبا وخلاصا في آن *** فأما الحب فللذي يحب وأما الخلاص فمما يعاني” 

أبيات تحمل بين طياتها أطنانا من المعاني فلماذا المحب هاجر؟ ولم صمامات القلب الدافئة تهب خط استوائها لزائر جارح، فيبني عليه بيت صعب هدمه ومؤلم بقاؤه؟ والأهم من هذا؛ كيف نلقن أرواحنا الدرس فنتخطى عقبة سوء الاختيار ونغدو زاهدين عن كل شر.

أبشركم أن نصي هذا غريب عجيب، لربما لم يسبق لأحد أن ربط شيئين بعيدين وأسقطهما على بعض؛ علم الاقتصاد والحب.
الحب… ذلك الشعور يا سادة الذي يهب لك أندر إحساس والذي لا تهنأ دنيا أحد منا بدونه، بدايته فرح وبهاء ونهايته تعتمد على مدى نباهتك. شعور يجعلك أعمى فتهب للمحبوب الكامل كل شيء جميل؛ كالأمان والسكينة وأكثر من ذلك، فقد تبلغ من الحب مبلغا يجعلك تهدي صمامك الأبهر للآخر فيحتمي به بعيدا عن قساوة العالم ويختبئ من ثلج الحياة.

مقالات مرتبطة

أما الاقتصاد أو كما يصطلح عليه: “أويكونوميا” فيقصد به علم التدبير المنزلي ولعل من أهم فروعه: “الاقتصاد الجزيئي”، وهو علم يهتم يتحليل ودراسة سلوك المستهلك والمنتج بالأسواق. ولهذا العلم تجليات مذهلة تجعل كل ذكي فطن ينتشي منها قبسا من نور فيشع حتى مماته.

خلال دراستنا لهذا الفرع أول ما نستهل به هو دراسة سلوك المستهلك، ذلك الآدمي الذي يضخ في رحم الحياة حاجيات لا منتهية وينتظر ولادتها عند الفجر عن طريق عجوز لا حول له ولا قوة، فقد تكلل الولادة بنجاح أو ربما يجهض البعض وذلك حسب عدد الدراهم في جيبه؛ لكن حتى لو ولدت كلها على الأرض سيبقى قانون الحياة الأزلي هو التناقض؛ الحب والكره، الفقر والغنى وكذلك الشبع والجوع… فما يجد الآدمي الراحة بعد التلبية حتى يفاجأ برغبات أخرى. وأنا متأكدة أنك سيدي القارئ تحمل داخلك أطنانا من الأشياء سواء كانت سهلة أو صعبة المنال.

لو وضعنا المستهلك والمنتج على ميزان علم الاقتصاد الجزيئي، سنجد أن هذا الأخير دائما ما يبحث عن الفائدة التي ستحقق له الاكتفاء الكلي ويسمى هذا في علمنا بالاختيار العقلاني. أما المنتج فبدوره يعمل على تخطي معيقاته كي يفوز بوجدان زبونه.
ولو وضعنا هذا في ميزان العلاقات سنرى أن في غالب الأحيان لا الآدمي بدوره كمستهلك يطبق نظريات الاقتصاد التي تضمن له حقه. ولا حينما يرتدي قناع المنتج يبذل قصارى جهده كي يعطي الأرفع فيفوز بالآخر، فلا نحن نختار جيدا ما يجلب لنا الإشباع ولا نحن نغض الطرف فنرحل. ولو أسقطنا الأمر عليهم أكثر سنجد أعظم الطرق المؤدية لربح الطرفين، فنجد أن الحل يكمن في نظريات الاقتصاد الجزيئي. وتحث هذه الأخيرة على اختيار ما يجلب لنا الإشباع الأقصى والحرص على إبقاء درجته في مستوى ثابت، فكلما زاد الشيء عن حده انقلب لضده وهذا ليس بقول شخصي وإنما هو قانون وضعه “ernest gossen”.

ولعل أبرز ما جاء به: “كلما استهلك الفرد أكثر من منتج واحد تزداد الفائدة بمعدل تناقصي أي أن رغبة الفرد تتلاشى كلما استهلك الفرد أكثر”. أما إن كنت لا تستطيع الحفاظ على الاستقرار والعطاء بلا تفريط ولا إفراط فعد أدراجك واحفظ سلامة قلبك من انفطار قد يزلزل قلبك فينفجر صمامك وتموت، فما يعود بالرحم جنين ولا للحياة ألوان، ولتحرص على هنائك، ولتغذي عقلك بعلوم قد تجد فيها ملاذا آمنا وحلا لمشاكلك.