السنة الأمازيغية.. كرونولوجيا الاعتراف والترسيم بالمغرب
تحدّث أزايكو في هذا المقال عن المكونات الأساسية التي تحدد بشكل عِلمي أمازيغية شمال أفريقيا، وأبرزَ الدور الرئيسي والمباشر الذي تلعبه العلوم الإنسانية ك: الأركيولوجيا والأنطروبولوجيا والسوسيولوجيا… في تحديد الركائز الأساسية لهوية الشعب الأصلي المتواجد في شمال أفريقيا منذ أن عَرَف التاريخ نفسه، كما عبّر عن ذلك الفيلسوف” ابن خلدون” في مقدمته الشهيرة.
ظلّت السنة الأمازيغية غائبة عن المشهد السياسي المغربي العام وعن أهم الأحداث والاحتفالات الوطنية، إلا أن المناطق الهامشية بَقِيَت مُتشبثة بخصوصياتها التاريخية والثقافية وإرثه اللامادي بوعي أو بغير وعي في مختلف المناطق الناطقة بالأمازيغية: الأطلس، الجنوب الشرقي، سوس، الريف… إلخ.
إن تأسيس بعض المؤسسات الرسمية (IRCAM)، للاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغية وإدماجها في منظومة التربية والتكوين منذ سنة 2003، من الأمور التي أعادت للأمازيغية صيتها المفقود منذ عقود، وأسست لمرحلة انتقالية مهمة في تاريخ المغرب، إذ تُوجت بترسيمها في دستور 2011 كما نصت على ذلك الفقرة الثالثة من الفصل الخامس، حيث اعتُبِرت اللغة الأمازيغية لغة رسمية للدولة إلى جانب اللغة العربية، وإرثا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.
رغم التأخر النسبي الذي طال إخراج القانون التنظيمي 26.16 إلى حيز الوجود، ثم نشره بالجريمة الرسمية بتاريخ 26 سبتمبر 2019.. إلا أنه كان بمثابة ثمرة لمجهود طويل من التحضيرات والاعدادات المهمة، التي ساهمت في إبراز اللغة الأمازيغية في مختلف القطاعات ولعل أهمها التعليم، وذلك بالرفع من عدد أساتذتها وطنيا، ودعم التخصصات بالجامعات التي تتوفر على شعبة الدراسات الأمازيغية من خلال إحداث مناصب جديدة وفتح ماسترات عديدة بها ومراكز الدكتوراه. وهذا بحد ذاته نتيجة لمسار نضالي طويل جدا وعسير، خاضته الحركة الأمازيغة على مستوى الشارع السياسي العام، والحركة الثقافية الأمازيغية داخل الجامعات المغربية.
مع اقتراب 13 يناير من كل سنة ميلادية، المتزامنة مع ذكرى السنة الأمازيغية الجديدة، تشهد الساحة السياسية العامة نقاشات حادة بين مؤيد ومُعارض من الإسلاميين والماركسيين لهذه الذكرى الاستثنائية، لاختلافها عن باقي التقويمات الأخرى الميلادية والهجرية. باعتبارها سنة فلاحية بامتياز تمتد إلى سنة 950ق.م وذلك احتفاءً برمزية الإنتصار التاريخي للملك الأمازيغي شيشناق على الفراعنة في شخص “رامسيس الثالث” سنة 950 ق.م. وتعتمد هذه المناسبة على تحضير بعض المنتوجات الطبيعية وكل ما تُنتجها الأرض من مواد وخيرات فلاحية.
وأخيرا، يمكن القول بأن تخليد أو احتفال بـ : “إيض يناير” يُعد مكسبا للشعب الأمازيغي الذي ناضل لقرون عديدة للحفاظ على ثقافته وحضارته ولغته من الاندثار والزوال والمحو التام من الوجود. وما الاعتراف الذي نعيشه اليوم إلا ترسيخاً لثقافة الحفاظ على الموروث الثقافي الأمازيغي وتأكيداّ على عدالة الحقوق اللغوية والثقافية التي نادوا بها إيمازيغن منذ عقود خَلت، والموقعة تحت قُبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 1979/11/18.