قصة حب لا تقبل الخيانة

نتأملها على شاشات التلفاز والهاتف ونتمعن في تفاصيلها بنهم وشغف يتجاوز الفضول وحب الاستطلاع. أنبش وأبحث في صفحات التاريخ لأعرف أصول وجذور الحكاية، المغزى من حب أرض لم تطأها قدمنا برهة من زمان. فأسأل نفسي من منا لم يغرد بهاشتاج أنقذوا الشيخ جراح؟ ومن منا لم يدون على جداره الأزرق تدوينة عن فلسطين؟ ومن منا لم يذكر الأقصى ومرابطيه والشيخ جراح وأهاليه وغزة ومقاوميها في دعائه؟ ومن منا لا يتمنى أن تلمس جبينه أرض الأقصى ولو برهة من زمان؟ ومن منا لم يتمن لو نال شرف الحياة وشرف الممات وهو يرى في مشاهد مبهورة الأنفاس مشدودة المشاعر، أبراجا قد هوت وبنايات قد ربت وأرواحا قد ارتقت شهادة إلى الرفيق الأعلى.

كان لزاما للبرج والبناية أن تنهار ولا بد للرضع الصغير أن يفطم عن حليب أمه قبل أوانه، وللعروس أن تزف في كفن للجنة ولأم وأب مكلومين معاودة الإنجاب ليستيقظ ضمير من بقي له ذرة ضمير إنساني، هوت الأبراج فازداد الطوط شموخا والعزم مضاء. فانتصرت غزة للقدس وللأقصى وللشتات ولكل الأراضي المحتلة، وانتصرت فلسطين على جمهور الخونة المطبعين. ففي إصرار أسطوري من شباب حمل على عاتقه إيصال رسالته وقضيته للعالم أجمع، وفي مساندة وحب فطري لهذه الأرض المباركة سار على النهج شباب وفتيان ومدرسون في التعريف بالقضية وتوطين جذور هذا الحب الفطري في شجاعة وبسالة حتى في الدول التي تعتبر مجرد الحديث عن فلسطين جريمة مقرونة بجزاء قانوني.

هي قضية ظاهرها الشيخ جراح وسلوان… لكن باطنها القدس وأقصاها، فلا الحي يمحى من خريطة القدس، ولا القدس من خريطة فلسطين، ولا فلسطين من خريطة قلوبنا، فالمعركة هنا معركة وجود لا معركة حدود. والأرض لن تسرق والتاريخ لن يحرف ما دام لنا في الأمس الجميل جذور عبق أصيل ولا ضرر بالرجوع واللجوء للأرشيف عله يذكر من أراد الذكرى ممن طبع وخان واعترف وقال: فلسطين تحتاج لجند وعتاد لا لترند ودعاء. نجيبه أن الحنين المستيقظ عزف على أوتار القلوب المشتاقة، فغردت كل جارحة في جسم وأن صدى حناجر المساندين والداعمين الذين سالت أعينهم من أجل فلسطين بلغت المدى معلنة أنهم رخصوا في سبيلها المنون. ولا ننكر دور شباب القدس والأقصى الذين وثقوا عبر مختلف منصات مواقع التواصل الاجتماعي للممارسات العدوانية والهمجية الممارسة من قبل العدو المحتل، فلولاهم لما استيقظت فينا مشاعر الحنين النامي إلى الفجر القريب ولما هبت الأشواق هبوب الرياح المرسلة فترطب من وقد الهجير للوطن وإن كنا مغاربة أو جزائريين أو أردنيين، عربا كنا أم أمازيغ أم أعاجم؛ ففلسطين أرضنا حتى كدنا نظن من فرط حبنا لها ولأهلها أنه بيننا قرابة في الدم وصلة في النسب.

مقالات مرتبطة

لولا هؤلاء لما عادت القضية مجددا إلى واجهة المشهد الدولي، حيث أدوا دور الوسيط بين التوترات التي تعيشها مدينة القدس وبين الإعلام الدولي بعد أن قل الحديث لما يقارب العشر سنوات عن القضية. غير أن الجيل الجديد من الفلسطينيين أبوا إلا أن يعيدوا للقضية بريقها وأن يضعوها في قلب وصلب الاهتمام الإعلامي الدولي بمساندة شباب من دول أخرى مجاورة وغير مجاورة، يربطهم بفلسطين والشيخ جراح وسلوان وبيتا وغيرها الإنسانية قبل أواصر الدين والهوية. الشيء الذي حول الانتباه بطريقة غير مسبوقة إلى الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون في مختلف مناحي حياتهم اليومية في ظل الاحتلال ومصادرة بيوتهم وأراضيهم، لتعيش هذه القضية وحدة لم تعشها من قبل من أجل الأقصى ومن أجل القدس ومن أجل كل أراضي فلسطين عبر جيل جديد وإلى جيل متلقي جديد.

لعل الوقت قد حان لنزيل اللثام عن هذه القضية وأن نعيد لها بريقها ووهجها في الساحة الإعلامية العالمية، وإن كان بريقها وضياؤها لا يخفت من قلوبنا؛ وأن نربي أبناءنا على حب الأقصى وعلى الدعاء لكل فلسطين بالنصرة والعزة وجعل زيارة أولى القبلتين هدفا ساميا لن يرف لنا جفن قبل بلوغه، كيف لا وهو وعد رباني والله لا يخلف وعده، وأن نروي للعالم أجمع حبنا لرجال جبال صبيح ولعزة رجال جبال العرم لتظل كل جبال فلسطين المباركة على موعد بالعودة ونحن دائما وأبدا على مواقفنا ثابتين.

ختاما أقول: أعرف ونعرف أنه لن نحرر الأقصى وفلسطين بتدوينة ومقال وأغنية وإهداء، لكن نبقي القضية بهذه الطريقة حية في قلوبنا وقلوبكم إلى متى؟ متى سؤال للزمان فأي زمان ينتظر فلسطين؟ لكن يقيننا بأن الصبح قريب.

1xbet casino siteleri bahis siteleri