على أبواب الثلاثين

على أبواب الثلاثين ستكبر، نعم ستشعر أنك قد كبرت بالفعل، كما لم تكبر من قبل، ولم تعد تعنيك بعض الأشياء التي كنت تفضلها، ستبدأ بتناول ما لم تكن تجرؤ على استطعامها، ستفهم معنى الاختيار؛ أن تكون جازما في صنع بعض القرارات، ستبتسم بكامل ملامحك، وستضحك أحيانا وأنت لا تقصد أن تعبر عن الفرح، ستكتم مشاعر الغيظ والخوف والألم دفعة واحدة وتقفل الموقف بكلمة هادئة أو صمت.

على أبواب الثلاثين ستكبر، ولن يعود بإمكانك أن تحتضن أمك كلما أحسست بالوجع، سيكون عليك أن تعانق نفسك وتواسيها. ستنزل بوطن الرضا فجأة، وقد لا تجد فيه الكثير من الرفقة. ستنضج وتزداد اتزانا وتوترا، ستمر بالجرح دون أن ينزف، وستواصل الطريق وأنت تحب المكوث. ستكبر وتصبح أكثر تحررا وأكثر التزاما، وأقل تهورا ستخطئ بإرادتك، ستقتحمك المسؤوليات، وتواسيك أحضان الأطفال، ستميل نحو العزلة في أوقات كثيرة.

ستفتقد معنى الصداقة، وستكسب العائلة، ستقدر أشياءك القريبة، وقد تقضي وقتا طويلا في صنع شيء صغير لا يعني العالم، ستكبر وتبدأ سلسلة المكاسب، والخسارات في تواترها. وتصبح مشاعرك أوضح وأعمق. ستدرك عمر أصحاب الجنة، ودعني أقول لك، ستلمح الجنة والنار، وستشعر بالاثنتين، لكنك ستملك مفاتيح الاختيار.

مقالات مرتبطة

المثالية في العمر أن تكون على رأس الثلاثين، أن تكون ممتلئا، تعيش محور حياتك. يا صديقي، في الثلاثين ستجد نفسك؛ التي كنت تبحث عنها منذ الطفولة، فكانت تنفلت في كل مرة ظننت فيها أنك قد أحكمتها. الثلاثين هي السكن والسكون بتميز؛ أن يمر “سيناريو” حياتك أمام عينيك كل يوم وأنت متصالح مع كل أحداثه.

لن تتوقف عن التعلم، بل في سن الثلاثين ستكتشف أنك لم تتعلم إلا الشيء الزهيد، سينمو طمع المعرفة مع كل كتاب تقرؤه، وكل فن تلمحه، وكل مهارة تعرفها. ستحب أن تجمع الكثير من المعارف وإن كانت حقيبتك ضيقة، ستحاول أن تكشف عن جيوبها السرية.

ستمتزج بالدنيا، فتأخذ منك الكثير وتعطيك الأكثر، ستشعر مع كل استفاقة صباح؛ أنك تخسر عمرك، وأنه عليك فعل شيء ما. الحياة عند الثلاثين تعرف، ونستطيع وضع حدود لها. الثلاثين ليست برقم بقدر ما هي ترابط، ومحطة تستوجب المكوث لفترة من التأمل؛ هي مكان لن تستطيع مغادرته بيسر، كما لن يستطيع هو مغادرتك.

على عتبات الثلاثين ستملك حرية الاختيار وشجاعة ذلك، ستمر من أشياء كانت تلفتك، ولن تلتفت. وقد يتغير لونك المفضل، الثلاثين هي ولادة جديدة لو تعلم، لكنها ولادة بصرخة أقوى، سأعود لأقول لك يا صديقي أن الثلاثين منبه عظيم، ما كان لم يعد مهما، وما سيكون ليس مهما، الآن هو الوقت المتبقي، الوقت يمر بسرعة لا تسمح بالتفكير أبعد من دقائق، أو عيشها، والعمل فيها، حين تبلغك الثلاثين فإنك لن تكون مضطرا لإثبات أنك إنسان جيد، ولن تصيبك تلك الخسارات التي مضت بالوجع، ستملك الإيمان بكل صغيرة وكبيرة مررت بها، كونها صنعتك. على أبواب الثلاثين ستمنح فرصة أن تعبر نفسك وتعبر عنها.

1xbet casino siteleri bahis siteleri