هي حياتك ليست حياة غيرك!

لكل منا حياة خاصة به، يعيشها كما كتبها الله له وليس كما يريدها أن تكون. ليس من الصعب أن تغير حياتك إلى الأفضل، كما ليس من الضروري أن تمتلك ثروة ثمينة أو منصبا عاليا لتعيش في هناء وسعادة. حياتك تظل دائما مختلفة عن حياة غيرك، كل ما في الأمر هو ألا تقارن نفسك بشخص ما له مكانة معينة، أو إمكانيات مادية وغير مادية وأشياء كثيرة تميز حياته لم تملكها أنت، كما لا يلزمك تفضيل ذلك الشخص على نفسك وفقدان الثقة في قدراتك ومعاتبة قدرك لتودي به إلى الهلاك.

إن الخطأ الصغير الذي يمكن أن يهدمك هو المقارنة التي ستؤثر عليك نفسيا، أينما حللت وارتحلت، فمشكلتك الأساسية في هذا الأمر هي الفكرة والطريقة التي تستخدم بها تلك المقارنة؛ إذ يمكن أن تؤثر فيك سلبيا أو إيجابيا حسب الطريقة التي تفكر بها، فالعقل يؤدي دورا كبيرا في جاذبية الموضوع؛ هو ما يحدد نوع الطريقة التي ستحاور بها نفسك، فالمقارنة دائما ما تتطلب منك أن تكون ذكيا في اعتمادها، فهي كمنهج التفكير ينبغي أن تتوفر فيها شروط محددة لتكون صحيحة وإيجابية دون تأثير سلبي. مثال ذلك أنك أنت وصديقك في نفس الصف الدراسي، واجتزتما اختبارا صعبا في مادة الرياضيات، وكل واحد منكما كان ذكيا ومتفوقا على الآخر في التحليل والاستنتاج رغم نفس القواعد والأجوبة التي استنتجتم، إلا أن الآخر كان ذكيا في طريقة تحليل وتدقيق الجواب، فحصل صديقك على معدل أعلى منك بـ 7 نقط، ثم تظهر لك أن النتيجة مفادها أنك لم تبذل جهدا كاملا في الامتحان بمقدار ما بذله صديقك، إلا أن النتيجة لم تكن صائبة، حيث التفكير في مقارنتك به لم يستحضر عنصر الذكاء، فكان تأثيرها سلبيا عليك وهذا ما جعلك دائما تفكر بشكل غير لائق.

لو استخدمت الذكاء في المقارنة لاتخذت الموضوع بشكل عادي وبسيط وتحول الأمر إلى مصلحتك، لو وضعت الفكرة في قدرتك على الحصول على معدل عالٍ إن بذلت جهدا كاملا مثل صديقك في المرة القادمة، فستحظى بمراتب متقدمة وتكتسب نتائج عالية في دراستك، لأن هذا الأمر سيحفزك ويزرع فيك الرغبة والإرادة لتحقق ذلك، فإن كنت تشغل بالك بهذه الطريقة الإيجابية دائما في كل شيء فستكون فائزا في الأخير.

إن الخطأ الشائع الذي نرتكبه هو أننا تستخدم المقارنة مصحوبة بانفعالات وطاقات سلبية بدل طاقة إيجابية، فأكثر ما توقعنا هذه المقارنة في الخطأ عندما نقارن أنفسنا بغيرنا من حيث أوضاعه ومهنته وقوته وماله، مستعينين بمشاعرنا المبعثرة، فنتحول إلى شخص سلبي حزين، مكسور الخاطر، نأسف على حالنا وحياتنا التي ليست حياة غيرنا.

لا تجعل المقارنة تسيطر عليك بشكل سلبي، بل سيطر عليها بتفكيرك الإيجابي، فكلما كنت إيجابيا كلما كان الأمر نافعا لك، ينبغي أن تكون ذكيا في طريقة التفكير التي ستتواصل بها مع ذاتك وقدراتك، وقبل أن تقارن نفسك بأي شخص ثري فكر في الأسباب التي جعلته ثريا في حياته، وماذا فعل حتى كسب ذلك كله، وما يمكن أن تفعل لتكون مثله. بدل أن تبحث عن الأسباب التي يمكن أن تساعدك في حل مشكلتك تعاتب حالك وقدرك وهذا خطأ فادح، فكل إنسان رأيته وصل إلى شيء ما في حياته وحقق مراده وأهدافه وكسب ماله إلا وقد حقق ذلك عن جدارة واستحقاق، وذلك عائد بالأساس إلى مثابرته وعزيمته ورغبته وإرادته وجهده وعمله ليلا ونهارا، وإلى الظروف القاسية التي مر منها ليصل إلى ما هو عليه الآن.

يجب أن تعلم أن هناك جهدا وعملا وتحديا في الموضوع قبل كل شيء، لأن الإرادة واستمرارية العمل هما أساس النجاح، فإن قاومت وعملت بجد واجتهاد فإنك ستصل إلى ما تطمح إليه مهما طال بك الزمن، عليك فقط أن تتخلص من الشوائب التي تراود عقلك وتفكر بطريقة مناسبة تساعدك في حل مشاكلك.

إن كنت لا تفكر بهذا المنطق فلا داعي أن تقارن حالك بحال الآخر لأن حياته ليست مثل حياتك، ففي جميع الأحوال ستظل مختلفا عن الناس، لذلك، تقبل اختلافات الناس، فكلما تقبلت ذلك ستكون راضيا بما أنت عليه، وكلما كنت ممتنا بما كتبه الله لك ستعيش بسلام وهناء، إن الشيء الوحيد الذي سيجلب لك البهجة في حياتك هو الامتنان، مهما كان صغيرا سيمنحك أشياء غالية لا مثيل لها، فإذا كنت راضيا بما قسمه الله سيعطيك نعمة الامتنان، متمثلة في السلام الداخلي والطمأنينة التي ستغمر قلبك وحياتك وتفيض على وجهك الصفاء والنور.

إن السعادة الحقيقة هي أن ترضى بما تعيشه في يومك بكل ما تتلقاه من المشاكل والصعاب، وأن تتقبل نفسك وشكلك مهما كان، وتتقبل الناس رغم اختلافهم وماضيك رغم آلامه وحاضرك رغم عثراته ونقائصه، وأن تتقبل لحظات الخسارة كأنك تتلقى لحظات الفوز، وأن ترضى بالقليل كأنك تنعم بشيء كثير، وتعترف بذلك بكل صدق مع نفسك، وأن تدع الآخرين يفعلون ما يشاؤون وتهتم فقط بشؤونك ومستقبلك، ولا تنتبه إلى ما يملك غيرك فلست مضطرا لأن تراقبهم، كَوّن نفسك بنفسك وحاول أن تسعى دائما إلى تحسين أحوالك إلى الأفضل.

كن ممتنا وراضيا بما وهبته لك الحياة، فمهما كنت راضيا بتلك النعم الصغيرة سترى الطمأنينة تغمر قلبك والسلام الداخلي يملأ روحك، فوجودك في هذه الحياة ما هي إلا هديتك عند الله عز وجل، لذلك أحسن ظنك به وارض بما منحه لك فإنه سيعوضك خيرا عن كل شيء. إن الامتنان هو غاية الحكماء وجميع الناس في العيش حياة طيبة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri