زنار النفوس

جهلي بها أقبح من غيم بدون مطر، وعقبى لظت بدائي الناجس، لن تسمع أنين القلوب ما دامت الحناجر بقسوتها تنافس الحجر اليابس. وبعد كل حدث حديث وبعد كل حديث معها جدثا، تجثو الكبرياء أمام إله الألم، أشقى ممن أظلته السماء بمطر الخزي. اختلست لمس الحجر المقدس أملا في عطر مبجل مخبأ بين أكمامي، وأصارع الأحزان بخيط وإبر عساها تسقي أفواه الجروح من دم المعاناة…حالك كجفون موزارت بعد ليلة من كتابة مخطوطة الموت، فليس له من كرب الفراق من فارج.

طفت الآفاق بتسع وسبعين ذراعا من دواوين الشرف حتى لا ترقأ دموع الزمان وحتى لا يشج بذكرى ويأسو بحال متى ما ترق العين فيه تسهل. ممرطلة في حياض الخذلان تنحني، موصلة الآلاء سابغة إلي وممسكة لحاف الفراق أن يقع علينا…تدعوني نزولا عن يفاع الكبر، فوطأت لي مضجعا بين يديها ومهدت لي مهجعا تغريني بمفاتيح السعادة معها…أغلقي جفونك وترقبي رحيلي كل صبحة، فردت: “فما لي سوى السكوت والصبر”. وإن نطقت؟

أجابت بقوسها راكعا أمامي: “أو الكلام والقبر”.

توقفي عن زفير الأعذار واستنشقي بعض الحقيقة رغم مرارتها، واصرفي عن نفسك هوى يقسو على جلد أمنياتك بالحر الماقت. إن امرؤ هتف بالعناد يحصد أرضا بالقحالة تدنو، ولولا حتمية القدر لما ارتقى كعب البشر نحو الانتقام وانتهوا بترانيم تخلد روحا غارقة في نجاسة الدنيا.

وأتى قوم يبني جدار التفريق بين الشر والخير وبين كل نسمة عنادها يرمي سبايا الظلام في نور وجنتيها، وبين رفض وقبول عقاب يستمر في هجر الوغى، صوتي راجس يطمس هدوء القذال ويسمو بين مجاشع الأرذال، غريب أمر الميزان يعيش بين خسارة ونجاح وإبرة الخلاص تتأرجح عند ثقل الكواهل أسفل ضوء الأقمار، يغدو الوهن مستثار ويدنو إلى الأتربة صوت الحذر.

لا تغرنك خيميائية مشاعر الصامت، تثيره الأشياء الباردة ويتسلله الاشمئزاز في كل مشهد قذر لمثالية شخص متسلط…جيناته تنفر الانحطاط وتنكر وجود جدار الموت، تقفز بعد كل صرخة، تهدأ بعد كل تنهيدة …ينفصل، يستأصل، وفي الأخير يستقر على ميزان القدر.

يتربع على عرش الغدر…عابر السبيل عن الحياة مدندنا: “خانني الغسق وفارقتني حمرة الشفق منادية ببديل حدق، أحاول لم السماء بين صمت الأكوان، وأضاجع أحلامي على سرير الكمال…أحتمي بتصنعي وأزخرف جداري بصوت الصراخ، حبي لك ولن يلين بعد أن نالته تخبطات العلن، معصوم من الخطأ، وعلى خطى الخطر، أستودع نفسي بخاطر الحذر، بيني وبين قلبي فجوة فراغ لا تغتفر…خلود الجسد يمحى كزعفران الخير على قماش الحسد، أوجه أناملي نحو الورق وأصارع الأرق، لأضع برزخا أمام أفكار شيطاني التي لعقلي تسلك طريقا وتستبق…تأبطت شرا في كل مرة وعدت منتشيا بانتصار عظيم، عدت بفكرة، عدت بنفسي حيا.”

لن تختزل الحياة في بعض الأسطر الحزينة مرقمة بسعادة خافتة، لكن الاستمرار هو من يولد التجارب ويبصم على طبع نسق أخلاقي وعملي في أطوار حياة شخص ما. عش حياتك باستمرار، ولا تستمر في جعل الحياة تستمر فيك.

1xbet casino siteleri bahis siteleri