الإيمان أمان

أتساءل دوما كيف لنا أن نعيش بدون ذلك الإيمان المغروس في قلوبنا منذ أن فتحنا أعيننا على هذه الدنيا؟ كيف كنا سنتجاوز كل مُرٍّ أفسد طعم توازننا؟ إننا قوم أقوياء أشداء بيقيننا الصلب الذي زرعه الرحمن في قلوبنا وأثبت لنا قوته وعظمته في اليسر الذي يتبع العسر في كل شدة.

هذا الإيمان القوي، هو العصا التي نتكئ عليها حتى لا نسقط، والبيت الذي نحتمي به من كل العواصف. وإن تأمل المرء جيدا حوله وفي المصائب والانكسارات التي صادفته، سيجد أنها مجرد دروس وحكم إلهية بعثت إليه ليستيقظ وينظر داخله، باحثا عن نور الله الكامن فيه وعن لطفه ورحمته ورأفته عز وجل، وكلما جاهد الإنسان نفسه وانشغل بها عن غيرها واجتهد في الحفاظ على صلابة إيمانه، وتغذية فكره وتقويته وجد راحته وهدأ قلبه وقلت تساؤلاته ووساوسه.

قد يكون دعاؤك، دعاء واليديك، امتنان صديق أو محتاج كنت له عونا في أحد الأيام، قد تكون مجرد صخرة أزحتها عن الطريق، أو إطعامك لحيوان مسكين لا معين له سببا في كسبك حسنات وإزاحة كثير من السيئات والأذى عن طريقك، لأنك تفعل ذلك يقينا منك أنه عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.

إن الإيمان يزيد من الرضا، والرضا يريح النفس ويبعث فيها السلام، فلا أحد منا يعلم ما قد يحدث له غدا، قد تسمع موت قريب أو يهجرك حبيب، قد يفشل مشروعك وربما بعد خيبة كبيرة تسعد بمولود جديد أو بشفاء أو بنجاح كنت تنتظره منذ مدة. وحين نرهق أنفسنا حزنا ونغلق نوافذ الأمل علينا، فإن إيماننا ينقص ويضعف وتبدأ صراعات القلب والعقل والمجتمع فيتخبط المرء بينهم.

قد لا نختلف أن الحزن أمر وارد في حياتنا وأن العواصف لا بد من أن تزورنا من حين لآخر، لكن على المرء أن يتحكم في ساعة حزنه ويطوي صفحات المآسي حتى لا تنهش قلبه دون فائدة. نحن قوم نلجأ لخالقنا، نسجد ونبوح له بكل ما لدينا، لأننا نؤمن إيمانا قويا أنه ملاذنا الوحيد الذي يقترب منا ويضمنا برحمته ويقبل بحالنا كيفما كان، إذ كلما كسرتك الحياة ومهما غدرك الأشخاص واشتدت بك آمن بكل جوارحك بأن الله يخاطبك دائما كي تنظر داخلك وتركز في علاقتك به وبنفسك أو كي يعلمك شيئا يزيد من صلابتك.

إنه مجرد إيمان لا ترى عظمته بالعين لكنه يستشعر بقوة في القلب الذي نعقل به، وهو طمأنينة تسكن القلب وتبعد عنه الخوف واليأس.

لا حياة دون إيمان حق، وتوظيف لكل الجوارح لخدمته وتقويته، فكلما ضعف إيمانك ضعفت روحك وقنطت من رحمة الله التي وسعت كل شيء، واسود العالم من حولك، واضمحلت الحلول، وتفاقمت المشكلات، وأغلقت الأبواب في وجهك، وعمت عيناك عن رؤية النور الذي يحييك من جديد. إن الإيمان هو أمانك الداخلي وذروة السعادة، فكلما زاد إيمانك وارتقيت به ترتقي بخلقك ومعاملاتك وتنظر بعين الرضا والاجتهاد في كل أمورك.

1xbet casino siteleri bahis siteleri