وجه آخر للأنانية!

لعل أول ما يتبادر إلى ذهن المرء حين يسمع كلمة الأنانية هو ذلك الغرور والاستعلاء والنرجسية المفرطة المتمثلة في إقصاء الآخر وتهميشه، لكننا نتحدث عن تلك الأنانية اللطيفة التي تظهر في حب الذات وتقديرها بعيداً عن المفاهيم السابقة غير المرغوب فيها.

أن تختار نفسك وتعتني بها وتمنحها كل الحب الذي تحتاجه فتستغني عن تسوله عند كل من تصادفه في طريقك، لدرجة لا تفكر فيها بمساومة ذاتك بشيء آخر مهما كان نوعه؛ أن تستوعب جيداً فكرة الاستحقاق لديك، فأنت تستحق كل جميل يسعدك ويبهج روحك، وهو ما يمنحك رضا وسكينة تجعلك في تواصل دائم مع حواسك، وفي احترام مستمر لذاتك وقيمك الثقيلة التي لا تتنازل عنها أمام كل إغراء قد يهوي بك في زنزانة تفقد فيها نفسك.

إن الصدق والخلق الحسن والمعاملة الطيبة أمور لا بد منها، لكن الأهم هو قيمك الخاصة بك التي تمثلك وَشخصك، تميزك عن غيرك وتمنحك القوة حين تجاهد كي لا تفقدها ولا تخون بذلك نفسك، فخيانتها أصعب ما قد يصيب المرء ويتركه تائها مشتتا، قيمك التي تحددها حسب أولوياتك ورغباتك الأساسية في حياتك، فحين تضحي بكل ما لديك وتستكثر على ذاتك كل سعادة يبدأ عقلك اللاواعي في تسجيل كل الأفكار اليائسة التي تفكر فيها عن نفسك وتجلد بها ذاتك في كل مرة سقطت وفشلت في مسار جديد عليك.

مقالات مرتبطة

لا بد للقرارات التي نختارها أن تكون نابعة من منبع حقيقي ورغبة شديدة في خوض تجربة جديدة ليست بالسهلة على النفس، فقد لا يتقبل عقلك ولا محيطك القريب أن تترك وظيفة مثالية وتستقيل، لتبدأ رحلة جديدة في سبيل إنشاء مشروعك الخاص الذي لطالما أردته ورسمته في خيالك؛ فحين تطرق بابك فرصة خوض هذه التجربة تشعر بدوار وتتكاثر الأصوات داخلك من خوف وقلق وتردد، لكنك حين تختار نفسك بعيدا عن كل معيق وتشعر بأنك تستحق أن تجرب طريقا جديدا قد تفشل فيه لكنك، على الأقل، جربت ولم تخضع لخوفك وتحبس نفسك في إطار محدود يحجب عنك رؤية من أنت حقا وما هي قدراتك؛ فقد خلقنا أحرارا، نملك الحق في اتخاذ قرار خُلق من مكان جوهري لا من خوف وعدم استحقاق.

لكي تختار نفسك، لا بد من أن تترك لها مساحة لتتعرف عليها أولا وتفهم ما تريده وما لا ترغب فيه، ما تحبه وما تكرهه، ما تستحقه وما هي حدود نفسك، حينها ستدرك أن كل تلك القرارات الصعبة التي قاومت تعثرك فيها ولم تستسلم، كانت دروسا منحتك ثقة وحبا واتزانا لذاتك لن تجده إلا داخلك، ولن يُخلق فيك إلا بالالتفات إلى حالك والتحرر من كل القيود الساكنة في اللاواعي التي تمنعك من خطو خطوات نحو الأمام ومن اكتشاف روحك وصبرك وقوتك وتكوين شخصيتك، فحين تقدر ذاتك وتختارها ينعكس ذلك عند الآخر، فيعاملك بالطريقة التي يراك عليها ويحبها فيك.

إننا، كلنا، نستحق الأفضل ولكل منا جانب جميل، ينقص فقط أن نبحث عنه ونكتشفه ونتغلب على مخاوفنا لنظهره!

1xbet casino siteleri bahis siteleri