متلازمة العش الخالي

قد تكون ممن سبق لهم أن سمعوا عن متلازمة العش الخالي، وربما تكون هذه أول مرة تسمع عنها. فما هي متلازمة العش الخالي؟ من تصيب؟ وكيف يمكن تجنب الوقوع فيها؟

عندما نطَّلع على اسم هذه المتلازمة “العش الخالي” قد لا يبدو من الصعب جدا أن نستنتج معناها؛ جاء اسم متلازمة العش الخالي من الحالة التي يصبح عليها العش عندما تغادره الفراخ بعد أن تكبر وتصير طيورا، لكن المتلازمة هنا لا تتعلق بالطيور ولا بعالم الحيوانات عموما، إنما استقيت اسمها منه فقط. ويقصد بالعش الخالي البيت أو الأسرة التي يغادرها أحد أفرادها أو أغلبهم وأقصد الأبناء بالذات، أما متلازمة العش الخالي فهي ذلك الشعور بالألم والحزن الذي تخلفه مغادرة الأبناء تلك للبيت.

عندما يكبر الأطفال ويستقلون بأنفسهم ويرغبون في إكمال دراستهم خارج البيت، المدينة أو الوطن، أو عندما يرغبون بمغادرة المنزل من أجل العمل أو الزواج؛ هنا يصبح البيت خاليا سوى من الزوجين أو أحدهما أحيانا، وهنا تظهر متلازمة العش الخالي، إذ بمجرد أن يغادر الأبناء البيت ليبدأوا حياة جديدة أو يكملوا مسار حياتهم بعيدا عن الأب والأم، إما أن يصاب الوالدان بهذه المتلازمة ويمران بمشاعر من الحزن والأسى. وإما أن يتجاوزا الأمر ببساطة إذا ما كانا مستعدين له من البداية.

في حالة عدم استعداد الوالدين لهذا السيناريو أو عدم تقبله، يصبح الأمر صعبا لكي يتجاوزاه وقد تتطور مشاعر الحزن والأسى التي يعيشانها في تلك الفترة إلى اكتئاب، خاصة عندما يكون الأبناء محور حياتهم والبوصلة التي ينهج بها الآباء طريقهم؛ فعندما تغيب البوصلة حتما يضيع الطريق.

عادة ما يكون الفراق صعبا عندما يكون الوالدان متعلقان بالأبناء أكثر من تعلقهما ببعضهما البعض، أو عندما لا يكون لديهما حياة اجتماعية خاصة بهما وعلاقات اجتماعية خارج البيت، أو عندما يجعلان تربية أبنائهما دورهما الوحيد في الحياة الزوجية وفي حياتهما عموما؛ ويعتبران الأبناء كل ما يربط بينهما، فعندما يضيع الرباط ويصبحان وحيدين يشعران بأن رسالتهما في الحياة انتهت وأنه لا جدوى من وجودهما. كنتيجة لكل ما سبق، ينتهي الزوجان إلى حالة من اللاجدوى والأسى بعد أن ضاع منهما الأبناء. وغالبا ما تعاني النساء من هذه المتلازمة أكثر من الرجال حسب الدراسات، ويعود ذلك لشدة تعلق الأم بالأبناء بسبب طول الوقت الذي تقضيه في تربية أبنائها.

لكي يتفادى الأبوان الوقوع في متلازمة العش الخالي يجب عليهما أولا أن يكونا على استعداد لمغادرة الأبناء البيت، كما يفضل أن يبني الزوجان حياتهما على أساس متين غير متعلق بتربية الأبناء فقط، بالاضافة لأن يعتبرا الأمر فرصة ليصبحا أقرب من بعضهما لكي يستطيعا تجاوز الأمر وتقبله ببساطة باعتباره سنة الحياة.

لهذا، من الجيد أن يستعد الأبوان لهذه الخطوة مع تقدم الأبناء في العمر لكي يكون الأمر جليا بالنسبة لهما ولتفادي الوقوع في الصدمة. ويستحسن أن يعتبرا هذه الخطوة إيجابية جدا ويفرحا بها خلال مسارهما كأبوين مثلما يفرح الطالب بتخرجه؛ لأنها ثمرة جهد وعناء لتكوين أبناء قادرين على الاستقلال بأنفسهم وتحمل المسؤولية بعد أن أدَّوا وظيفتهما في بناء العش (البيت)، واحتضان الصغار وحمايتهم؛ يكبر الأطفال ويصبحون قادرين على الطيران، وتبدأ بعدها مرحلة ترك العش (البيت) والطيران لبداية حياة جديدة بعيداً عن الوالدين.

1xbet casino siteleri bahis siteleri