مشكل التعليم

394

“ثمة في المغرب الراهن مشكل مزمن، مشكل يحتل الصدارة ضمن مجموعة المشاكل الأخرى التي لم تعرف بعد طريقها نحو المعالجة الجدية والحل الصحيح.. إنه مشكل التعليم، مشكل يعترف بخطورته وتفاقم أبعاده، منذ الإعلان عن الاستقلال إلى اليوم…” بهذه الكلمات قدم المفكر المغربي، محمد عابد الجابري، كتابه “مشكل التعليم بالمغرب”.

منذ سنة 1973 حين خطت هذه الكلمات لا زالت صالحة لوصف واقع منظومة التربية والتعليم بالمغرب. التي لا زالت تعاني اختلالات وأعطاب جمة. واقع أزمة منظومة التربية والتعليم بالمغرب، يعيش بين فترة وأخرى، تحت أضواء كاشفة تذكر بتجذر الأزمة، وصعوبة الحل. وهو ما حدث مؤخرا، بعيد صدور تصنيف شنغهاي لترتيب أحسن ألف جامعة في العالم. التصنيف الذي أسال مداد كثيرا، وتواترت التعقيبات والتحليلات حول غياب المؤسسات الجامعية المغربية عن التصنيف.

إن واقع الأزمة التي تعيش عليها الجامعة المغربية، ليس وليد اللحظة، ولم يكن تصنيف شنغهاي وغيره من التقييمات الدولية إلا تذكرة بعمق الأزمة. ولا يسع المتابع لسياسات الدولة المغربية في مجال التعليم، والجامعي منه على وجه الخصوص، إلا أن يتساءل عن سبب هذا الفشل المتراكم، رغم كثرة البرامج والمخططات وتوالي خطب ومشاريع الإصلاح؟

مقالات مرتبطة

حظيت الجامعة المغربية بحيز هام من النقاش العمومي، سواء على المستوى الرسمي أو غيره، وهو الأمر الذي لم ينعكس بتاتا على جودة التعليم العالي بالمغرب، بل على العكس، كلما تضخم النقاش حول الجامعة، كلما استفحلت أزمتها. كل هذا ينقلنا، إلى سؤالين فرعيين نحاول الإجابة عنهما في هذا المقال: ما مظاهر أزمة الجامعة المغربية؟ وكيف السبيل إلى الانعتاق من واقع الأزمة؟

لعل أبرز مظهر من مظاهر أزمة الجامعة المغربية، هو عدم الإجابة عن سؤال الغاية والهدف من الجامعة، بعبارة أخرى: “ماذا نريد من الجامعة؟” لم تفلح الدولة المغربية منذ ما يزيد عن الستين سنة في الإجابة عن هذا السؤال. حيث تتعارض المعتقدات والرؤى، انطلاقا من العوام الذين يقول إن وظيفة الجامعة هي توفير فرص الشغل، إلى نخبة تعتبر وظيفة الجامعة خلق المعرفة، إلى المعتقدات المعولمة التي تعد وظيفة الجامعة تخريج شخص منتج قادر على إنتاج الثروة بما يضمن كرامة الإنسان وحقوقه.

ومن ثاني مظاهر الأزمة غياب سياسة التقييم والمحاسبة، حيث إن الجامعة المغربية عرفت تنزيل عدد كبير من المشاريع والمخططات، بذلت في سبيلها الجهود الكثيرة وصرفت الميزانيات الضخمة، لكن هذه التجارب كلها لم تراكم أي خبرة أو إنجاز. غير أن هذه المشاريع وإن كان الفشل هو خلاصتها النهائية غير أنها لم تخضع لأي تقييم ولم يخضع القائمون عليها للمحاسبة. وهو ما جعل الجامعة بالمغرب مجرد حقل تجارب، لا يخشى أحد سوء عاقبته.

حرصت ألا أطيل السرد، وأنا أكتب مظاهر أزمة الجامعة المغربية، لسبب بسيط: أن هذه المظاهر ليست خافية على أحد، والنقد رحلة يخوض غمارها الجميع من الجالسين في المقاهي إلى المجلس الأعلى للتربية والتعليم. لكن السؤال الحقيقي الأجدر بالطرح والمدراسة، هو سؤال العمل، أو كيف نخرج من عمق زجاجة التخلف؟ يتجدد السؤال: هل هناك فعلا إرادة صادقة تروم الإصلاح؟ أم هي مجرد إعلان نوايا لا حظ لها من الصدق؟

1xbet casino siteleri bahis siteleri