العلم: الترياق المضاد للجهل والخرافات

العلم أساس وجود الحضارات، وعنوان هويّة الأمم والشعوب، وسر تقدمها ونهضتها، والأمم من غير علمٍ لا وزن لها ولا قيمة، بل هي ريشةٌ في مهب الريح يستوي وجودها من عدمه، والأمم المتعلّمة حيّةٌ يخلدها التاريخ، ومنارةٌ للأمم والشعوب، والأمم التي لا تقيم للعلم وزناً مندثرةٌ وبائدة، ويلفها النسيان بمعطفه الخلِق، فما هي أهمية العلم، وما هي مصادره ووسائله، وما هي أخلاقه ومبادئه، وما هي أهدافه وغاياته؟

تكمن أهمية العلم في العيش الكريم في الحياة، به يتميّز الإنسان بصفته الإنسانيّة الحقيقية. يحقق الانسجام مع الأمم والشعوب، وذلك من خلال شبكة العلاقات الاجتماعية، وأسسها، القائمة على العلم أصلاً، وتحقيق معنى الاستخلاف في الأرض بمفهومه المادي، والمعنوي، فمفهومه المادي هو تعمير الكون، أما المعنوي فهو ربط هذا التعمير بطاعة الله ورضوانه، وتحقيق معاني العبودية الحقيقية.

تكمن أهميته في تحقيق السعادة لبني الإنسان، وذلك عندما يترقى الإنسان، من خلال العلم في وسائل الحياة الرغيدة، ويواجه بها الحياة ومصاعبها. وتشمل هذه الوسائل والمصادر؛ المدارس والجامعات، الكتب السماوية، المطالعة الذاتية الهادفة، البحث والاستكشاف، النظر والتدبر في الكون، العلاقات البشرية وتفاعلاتها، شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت.

أما عن أخلاق اكتساب العلم فهي النيّة الحسنة، وتحقيق معاني العبودية لله على معناها الصحيح، وتحقيق السعادة للنفس والغير. وجود نهج قويمٍ في اكتساب العلم والمعرفة. ولتحقيق ذلك كله، يفترض في كل واحد منا اكتساب العلم من مظانّه الصحيحة، والتثبت في صحتها، وإجلال العلماء، وتكريمهم، ومعرفة قدرهم، فهم أساس الخير في المجتمعات، وسرٌ سعادتها.

يكتمل التحلي بهاته الأخلاق بعدم الإفساد والتخريب، وذلك بالبعد عن العلوم ومنتجاتها التي تؤدي إلى إفساد الجيل، وهدم المنجزات الحضارية، للأمم والشعوب، لتحقيق الأهداف المتوخاة من العلم؛ أولها تحقيق معاني الكرامة الإنسانية، فالإنسان مكرّمٌ مصان، ويتميز عن غيره من الكائنات بهذا التكريم، ثم اكتشاف قوانين الحياة، وذلك ليتمكن الإنسان من العيش على هذه الأرض بأمنٍ وسلام. وأخيرا التفاعل الإيجابي مع البيئة والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان.

لا يوجد ضررٌ أشد فتكاً بالأمم والشعوب من الجهل والذي هو نقيض العلم تماماً، فبالجهل تنعدم معاني ومقومات الحياة الحقيقية، وتعمّ الفوضى، وتنتشر الأمراض وتتسمم العلاقات، وتنعدم العلاقة الإيجابية بالكون، ويعمّ الفساد كل مناحي الحياة والظلام، ويعيش الإنسان في الحياة كما تعيش البهائم تماماً، من غير هدفٍ، ولا غاية، ولا يقوى على القيام بأمور حياته، ويفتقر لأدنى مقومات الحياة البسيطة.

هذه عناصر وعناوينُ بسيطة عن العلم، وبالتأكيد هي إضاءاتٌ وإشعاعاتٌ بسيطةٌ، ولن توفيّه حقه، فهي بعض المفاتيح البسيطة، ومتى نَهجَ الإنسان نهجاً قويماً في طلبه، وتخلّق بأخلاقيات طلبه، ونظر نظرةً إيجابيّةً نحو أهدافه وغاياته، فإنّه حتماً سيحقق الغاية منه، وتنعكس آثاره الإيجابيّة عليه، وعلى المجتمعات من حوله، فالعلم هو الترياق المضاد للتسمم بالجهل والخرافات.

1xbet casino siteleri bahis siteleri