تزوج فنانة!

ها قد وصلنا وجميع الأشياء كما توقعناها، اللوحات الفنية القديمة الأصيلة، السقف بلونه القاتم، والأرضية المزينة بزرابٍ حمر، كل شيء. حبيبتي هنا أودعك. -بعد أن قطعنا هذه المسافة؟ -نعم في هذا المكان، في هذا المقام، تعرفين السبب جيدا.

لطالما بحثت عن الفن في كل شيء وقد لا أعرف تعريفا واحدا له، لكنني أحس به، يتجلى واضحا عندما تترك جميع أمور الحياة لتفهمه وتحاول فهم الحياة عبره ولا يمكن ذلك، هذه هي الحياة، تبحث عن مفاتيح لأبواب موصده دون أقفال.

أنا لست جني فانوس، يأتي ليلبيَ الطلبات والرغبات المكبوتة لسنين طويلة، لا أريد تحمل مسؤولية كائن حُرِم من الحياة وقمع طوال عقد من الزمن، أتفهم طموحاتك جيدا، أريد أن أساعد قدر المستطاع لكن لا يمكنني تحقيقها لك دونك، لا أريد دخول غمار معركة خاسرة من البداية.. درستُ أن العقل يُهزم أمام العاطفة -إن كانت شديدة – والعاطفة تُهزم أمام عاطفة أقوى منها، وعلى هاته الحال، فقد هزمتني نفسي في هذا الموضع.

الفن يا عزيزتي لا تعريف له ولا يوجد تعبير صريح له، يلون الفراغات وينقط كل الحروف اليتيمة، يزخرف أي شيء كيف ما كان بخطوط كيف ما كان نوعها، يسكت الصمتَ بلحن موسيقي كيف ما كان تردده، أحب الفن. وإن قررت الارتباط يوما ما فلتكن فنانة، هي الأقرب على فهم معاني كلماتي وسكوني، على فهمي.

أتعلمين؟ كنت أخاف في الماضي من شيئين، الوحدة وعدم القدرة على الكتابة، اكتشفتُ متأخرا أنني كنت مخطئا في شأن ذاتي، عشْت معظم حياتي وحيدا ولم أهب الوحدة يوما.. أما موضوع الكتابة، فقد أدركتُ متأخرا أنني أكتب لأوصِل معنى من معانيَ، وتلك غايتي منذ البداية، ولتلك الغاية عدة طرق أسلكها سعيا لها منها الرسم والتلوين.. إن لم أكتب، قمتُ بشيء آخر درجة تساويه.

أتعلمين؟ مرت أيام بهَتت صورتي في ذهني، وأسأل نفسي كل يوم لماذا بهتُّ في نظر نفسي؟ الجواب كان لأنني ابتعدت عن جميع الأشياء التي تربطني بها علاقة حب بعد أن اختزل مفهوم الحب فيك، الحب أكبر منك، لم يحببكِ لأنك لم تقومي بأي شيء تجاهه، أعطاك حياة، انتظر منك تلوينها بألوانك الخاصة، انتظر غناءك ولحناً شجيا عذبا، انتظر فنا. لم تفعلي شيئا بتلك الحياة، كمهزلة اجتماعية كمأساة فتاة قضى عليها فراغها تخلى عنك، وضَعك فارتقى. قلت لك إنه أكبر منك بكثير.

أتظنين أن الحياة بريئة؟ قلت لك مرارا وتكرارا أن الحياة تعاقب دائما من يتبجح بحريته واستعلائه، عاقبَتْكِ الآن؟ من يأتي بأخبار العمال والعاملات السذج مع رئيسك في العمل؟ أنت يا عزيزتي. من يضحك على معاناتهم؟ أنت يا عزيزتي. استغللت درجتكِ في كل شيء، وقد مرّ شهر كامل على طردك، أين هي الضحكات؟ يخبرني وجهك أنه لا يقبل ابتسامة، ضحكة ولا بكاءً، يخبرني أنه لا يقبل شخصا مثلك.. أتفهَّمُ كل شيء ما عدا كل ما قلته سابقا، لن تغفر لك الحياة حتى وإن غفرتُ لك فعلتك.. رئيسك أخبرني بكل شيء. أتخونين العهد بكلمة؟

أقول لك هذا لأنه ضرورةُ معرفتكِ له وعلمكِ بأسبابي وداعي، لا ترتكبي صنيعا هكذا مع شخص آخر، دعوتُكِ الليلة لرؤية هذا الفن العظيم، الرسم والتلوين، أردْتك أن ترسمي حيوات وتلوني أخرى، أردتك تغييرا في الواقع. ولمشاهدة فيلمٍ من اختيارك، قرري الآن ما دام لنا حق اختيار آخر شيء سيجمع اختياراتنا. عندما ينتهي الفيلم، رجاءً لا تلمسيني، لا أريد رائحتك في منزلي، لن نخرج كما دخلنا، سأخرج أولا هاته المرة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri