معطوف عليه!

يحدث أن يتشابه الواقع بالخيال، فماذا لو أبصرنا الواقع كواقع، آنذاك أنقتل الخيال المتربع فينا أم نقتل أنفسنا لكيلا نشاهد نزيف ذواتنا؟
إن الواقع ليس واقعا، فليس سهلا منا أن نتقبل حياة ليست بحياة للعيش، كل يبحث عن مضمار سباق ليتسابق فيه مع وحدته إذ لكل هدف ومبتغى قد يصل إليه ويتغنى بالوصول إليه، أما وعيك بذاتك لتحقيق أحلامك فقد لا يسعه الحديث إذ إنه تم تعنيفه بشدة أمس وقت أن عدم الكلام! إنه الألم يحاك من جديد،نرقص على أعتاب بابه ونتفنن في رسم صنيعه! لماذا لا نجعل من الأمل أملًا؟ لأنه لا يوجد بعد الأمل أمل؟
حين زارني ذلك اليتيم، أخبرته بما تم إخباري به ذلك اليوم: “لا تقلق يا عزيزي، سيأتي يوم وتنسى كل شيء!” لكن العبارة التي أخبرته بها كانت خاطئة، فقد توالت الأيام والطفل لم ينس!
نحكم بزاوية الذكريات ونقول لهم ما قالوا لنا! لأننا نفقد حق الكلام، أما المعطوف عليه فنواسيه بالكذب والبهتان، نحن لا ننسى بل نتناسى إذا تطلب منا الأمر، لكن الذاكرة تتذكر كل شيء، تلك الوصلة الإشهارية التي يكرر عرضها دائما في منتصف الليل، لأن الأفكار تتحدث، والألم يستيقظ، والذكرى تعاد بوقع أشد عنفا، أما الذكريات فتختار لك ما يناسبك ليلتك، وتتحد الوسادة لتستقبل دمعك ويذهب الأمان، وتتذكر من جديد.”
لا تلفق أملا زائفا لإنسان، فالأشياء لا تعود أجمل أو كما كانت من قبل، بل تتغير، فالأيام لا تعود والذكريات لا تعاد، الشيء الوحيد الذي يعاد هو التأقلم، والأمل الزائف والألم من جديد. إنهم أناس معطوف عليهم، يستحقون منك الصدق لا العطف، الكلام الطيب لا العنف، أن تخبرهم بما يحدث في الحياة لا أن تنفرهم من وقع الحياة، لا شيء يحذف فلو تصفحنا ماضي الناس لوجدنا أن الألم لم يبتعد من مرمى حياتهم وأن النسيان لم يكن رفيقهم، الأمر فقط عملية تخزين.
نخزن آلامنا وذكرياتنا وعطفنا على أنفسنا، نحن مرضى لم يتم معالجة نسيانهم، فالذاكرة قوية كفاية لتذكرنا بالأحداث متى اشتد حبل الأيام، كل شخص هو شخص معطوف عليه بالكلام، ينسب إليه من العبرة نسيان لا ينسى مع الأيام.
1xbet casino siteleri bahis siteleri