أعلم أن ما ستقرؤه تاليا قد تكون سمعته مرات ومرات قبل الآن ولكن لا بأس، أريد أن أتحدث عن الأمر من منظوري الخاص أيضا، أليس كل ما تكرر تقرر؟ إذا إنها المناسبة كي نستطيع أنا وأنت أن نطبع هذا الأمر في ذاكرتنا مرة واحدة.
رغم أننا قد نعيش في منزل واحد، في محيط واحد وفي مجتمع واحد إلا أننا لن نعيش نفس الشيء، وأقصد هنا أننا لن نعيش نفس المشاكل والتحديات وإن كنا نعيشها معا، أعتقد بأنك تظنني بدأت بالهذيان أليس كذلك؟ حسنا أمهلني فرصة لأشرح لك قصدي… صحيح أننا نعيش نفس الأشياء لكننا نستقبلها بطريقة مختلفة، أي أننا لا نؤول الأمور بنفس الطريقة، ربما يكون لدينا نفس المشكل لكنني أراه من منظور معين بينما أنت تراه من منظور آخر لأننا نملك جسدين مختلفين وعقلين مختلفين، المهم هو أن كلا منا سيعيشه على طريقته وسيحله على طريقته.
وماذا إن كنا قد نشأنا في مكانين مختلفين وعشنا ظروفا مختلفة كيف سيكون الوضع في رأيك؟! طبعا ستكون مشاكلنا مختلفة، وفي هذا السياق دعني أخبرك شيئا: صدقني لا توجد حياة بدون مشاكل، مهما عشت وأينما عشت حتما سيكون لديك مشاكل، لماذا؟ إنها حكمة الله تعالى، وفي تأويل عقلنا البشري المحدود لنقل إنها الوقود الذي يشغل محرك الحياة، أليست المشاكل والمعضلات هي التي تدفعنا للتحسن وإخراج أحسن ما فينا؟ أليست هي ما يدفعنا للتقدم نحو الأمام والانتقال من مستوى إلى آخر أعلى؟!
بلى، إنها كذلك، وفي هذا الصدد فإن كلا منا سيعيش مشاكله على طريقته وسيتطور على طريقته بشكل صحي إن تجنب مقارنة نفسه بالآخرين، لكل منا سباقه الخاص ولكل منا مضماره الخاص ومنه عقباته الخاصة ولذلك لا يجوز لنا أن نقارن أنفسنا بالآخرين، لا يحق لنا أن نغار من شخص ما لأنه يبدو لنا بأنه قد تجاوزنا، نحن لم نكن في نفس المضمار منذ البداية! فأي معيار هذا الذي يجعلنا نحكم بأنه تجاوزنا؟! وفي المقابل لا يحق لنا أن نحتقر أحدا ظنا منا بأننا أفضل منه فنحن لم نكن ولن نكون على نفس المضمار.
ما يجب علينا تذكره هو أن كلا منا يتحدى نفسه ويسابق نفسه لأن هذا هو المعيار الوحيد العادل: أنا أسابق نفسي إذا سأقارن نفسي اليوم بما كنت عليه بالأمس، وغدا سأقارنني بما أنا عليه اليوم وهكذا دواليك؛ هذه هي الحقيقة المطلقة لكن الحقيقة الواقعية هي أنه يصعب علينا ألا نقارن أنفسنا بالآخرين، فقط القلة منا هم من ينزهون أنفسهم عن هذا ولا يمكن أن يلام أحد لأنها طبيعة بشرية، طبيعة ينجو فقط من تغلب عليها.
