قراءة في كتاب لا تخبري ماما لـتوني ماغواير

عندما أنهيت قراءة هذا الكتاب، كانت الساعة تشير إلى 4:15 صباحا، كنت أشعر بالنعاس لحد لا يمكنني وصفه. ومع ذلك، لم أستطع أن أهرع إلا بعد أن أكتب سطورا عن هذا الكتاب وهذه أسرع مراجعة أكتبها حرفيا، لكن لا مجال للتأجيل؛ لأن المشاعر التي اعترتني إثر قراءتي لهذا الكتاب غير معقولة.

للأمانة، تضيع الكلمات مني، لا أستطيع التكلم، لا أعلم أيضا ما الذي ما الذي سأكتبه الٱن، ولا أعلم هل ستكون لغتي ركيكة أم قوية، ولا أدري هل سأوصل مشاعري تجاه ما قرأت؟ لكن، تريثوا قليلا، فليس هذا هو السؤال المهم، بل السؤال الأهم هو: هل عندما تنهي قراءة هذا الكتاب، ستظل الشخص نفسه؟ هذا الكتاب ستكرهه وتشمئز منه، وستحبه، ولن تسطيع تركه.

هذا الكتاب سيقطع أعماقك، ويكشف لك ما لا تستطيع البوح به على الإطلاق حتى لنفسك، هذا الكتاب سيجعلك كالأبله والمجنون، لا تدري ماذا تفعل وربما ستصل إلى مرحلة تكره نفسك فيها؟ لا أدري ما هو العظيم في إنجاب الأطفال إن لم تكن تستطيع على الأقل أن تمنحهم الأمان الذي تمنحه الحيوانات لصغارها!

تروي الكاتبة البريطانية “توني مغواير” سيرتها الذاتية من خلال سرد أحداث ذاك الكابوس الذي أثقل كاهلها وظل يطاردها طيلة حياتها، ذاك الماضي الذي لم تستطع أن تتخطاه إلا بشق الأنفس، كأنها بهذا الكتاب تبوح بمكنونات صدرها لتزيل جزءا من مشاعر البؤس والكتم التي عانتها، تبدأ حكاية الفتاة عنذ بلوغها السادسة، عندما يبدأ والدها “بيدي” بملاطفتها وإقامة علاقة جنسية معها تدوم معها لسبع سنوات في سلسلة من الاعتداءات، وفي كل مرة يعتدي عليها كان يقول تلك الجملة التي حفظتها عن ظهر قلب “لا تخبري ماما”.

بعد أن تبلغ “أنطوانيت ” سن الثالثة عشر في وسط القهر المعاش تحاول أن تواجه الواقع المرير لتخبر والدتها “روث” بفعل والدها الشنيع، لكن ردة فعل أمها المهووسة بحب زوجها القذر زادت الحياة قسوة عليها، حيث نهرتها ولم تبال. واصلت توني امتصاص الٱلام والمعاناة من قدرها المشؤوم، فقدت انطوانيت التي غيرت اسمها “لتوني” ذاك الاسم الذي يحمل بين طياته الكثير من الٱلام وبصيصا من أمل كانت تأمل أن تكمل به بقية حياتها.

أعجبت بما تحلت به الكاتبة من شجاعة حتى تكتب ما عانته في حياتها من ظلم ومعاناة، وتمسكها بحب أمها التي لم تشعر بمعاناتها قط، لا أخفي أني حقدت على أمها كثيرا وكرهتها لتخليها عن ابنتها رغم معرفتها بما كان يحصل. فالقضية ليست سيرة ذاتية فقط بل مأساة أخلاقية وإنسانية، القضية لا تتوقف عند توني مغواير فقط، بل أعقد وأخطر بكثير، فهي قضية كل الفتيات اللواتي تعرضن لهذه المٱسي وسكتن عنها، خوفا من المجتمع، فكان المجتمع والمجرم شركاء في الجريمة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri