يُلتقط من صفوة البال إلى الحيرة!

إننا عبارة عن مجموعة صراعات وحالات تكسونا دون سابق إنذار لتظهر مدى قدرتنا وتحكمنا في زمام الأمور، وقابليتنا لتجاوز تلك المطبات بأقل الأضرار، دون أن نلحق الأذى بأي طرف. قد نفلت زمام الأمور، قد ننساق وراء العدم ونحن مدركون كل الإدراك أنّ الطريق داخل نفق آيل للسقوط لا مخرج منه، حتى نورنا الساطع لن يضيئ عتمته، ولن يرمم حالته المهترئة، هو فقط سقوط حر على حافة الهاوية.

لعلنا حاولنا في كل مرة نعتلي فيها السلالم ألا نعود أدراجنا لاستراق النظر إلى ما يجوب حولنا، وإن عدنا ستجدنا نادمين على إقحام أنفسنا في هذا الموقف، أما كان منا أن نغض طرف البصر ونكبح أنفسنا، وألا ننساق وراء الترهات، لكننا، في كل مرة، نغفر لأنفسنا فنعود لاعتلاء السلالم بخطى ثابتة مُدركين أننا قد نعيد الكرة، لكن هذه المرة سنخطف خطوات مهرولين إلى الأمام، تلك الحالات المتضاربة والمشاعر المتناقضة تمثل حقيقة أننا أشخاص مزاجيون.

قد يظهر الجزء الأكثر إضاءة أو الأكثر عتمة فينا؛ إذ الإنسان في رمشة عين يُلتقط من صَفوة البال إلى الحيرة، لتبدو تلك الأمواج العاتية التي تسحب مكنونات سكنت لعقود من الزمن أعماق بحرٍ، فرست على الساحل وكأنها تشاكس القدر لتظهر بارزة للملأ، إما أن تبدو على شاكلة كنوز قيمة أو بقايا أحداث مؤلمة تؤرخ لحقبة لطالما اعتقدنا أن بقاياها ستظل مدفونة، وأن ذلك المكان لن يطأه إنسان على وجه البسيطة.

مقالات مرتبطة

تنقلب الأوراق وتنقشع على شكل هدايا غير متوقعة، يجب أن نجزم أن الإنسان ما زال في كل مرة يتعرف على نفسه، مكامن نقصه وضعفه ونقاط قوته، حتى تلك الزلات التي تصدر منه دون أدنى نية؛ ذلك الاعتقاد الجازم أننا بعدون عن الخطأ، وأننا قادرون على التحكم في كل شيء، هو ما يجعلنا نفلت زمام الأمر ويهمنا أننا أفضل من الآخر، كأننا ملائكة وسط مملكة الشياطين، بلباس أبيض لم يدنس بعد، داخل قصر لم يطأه أحد على وجه البسيطة، هنا يبدأ الإنسان في تعلم الكثير بمرور الزمن والأحداث والمواقف التي تظهر معدن الإنسان.

لم يعد النفس الطويل ميزتنا، أصبحنا نتنازل عن أي شيء في سبيل عدم الانتظار؛ ذلك الانتظار القاتل الذي يسحبنا للعدم لم يعد يستهوينا هاجرناه دون تردد، وعوضه الشعور بالضعف أو الخوف من الخسارة بالاضمحلال، فنمضي قدما دون أن يرف لنا جفن، نتعلم التجاوز وكأننا لم نخسر قط.

إن الخسارة الحقيقية هي أن نقف عند ذلك الموقف وكأنه نهاية العالم، حينها نبدأ باستيعاب أن بعض الخسارات تأتي على شاكلة فرص لا تتكرر يجب التشبث بها والتحليق بعيدا، كعصفور أفلت من قبضة سجانه، فارتمى في حضن السماء، نكون قد بدأنا باستيعاب الدروس وبدأنا المرحلة الأولى وهي الابتعاد كل البعد عن الهالة الاجتماعية التي يحاول الجميع أن يجذبها، فصرنا نسبح عكس تيارها تماما، وإن كان الماء عكرا، حتى نفلت من تلك القيود ونتجاوز تلك النظرة المشتركة التي تضع الإنسان في قالب واحد.

1xbet casino siteleri bahis siteleri