من الأصالة إلى التاريخ

من الجمال إلى الكمال، من السمو إلى الرقي، من الأصالة إلى التاريخ…تتناغم المعاني وتتسلسل الأوصاف ليخرج من عبقها لغة ليست ككل اللغات، لغة القرآن والمرسلين، لغة الشعراء والمادحين، لغة الضاد والمبحرين في طيات وخبايا اللغة العربية القانتين.

إنها لغة السياسة والدبلوماسية، فهي اللغة الرسمية لجميع الدول التي تشكل جامعة الدول العربية، والتي يبلغ عددها اثنان وعشرون دولة، كما أنها من اللغات الرسميّة الستة حسب تصنيف منظمة الأمم المتحدة، ويتم الاحتفال باليوم العالمي للغة الضاد في الثامن عشر من ديسمبر كلّ عام.

يوجد متحدثوها في الوطن بالعربي بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى مثل تركيا، وتشاد، والسنغال، ومالي، وهي بذلك تعتبر اللغة الأم لأكثر من مائتي مليون شخص يقيمون في هذه المناطق الجغرافية، والتي تمتد من جنوب غرب آسيا إلى شمال غرب أفريقيا، كما أنها تعتبر لغة العبادة لأكثر من مليار مسلم من جميع أنحاء العالم، ومن هنا تبرز ‎أهميتها من حيث كثرة الناطقين والمتحدثين بها؛ فاللغة العربية أكثر لغات العالم انتشارا وأغناها رصيدا، بأكثر من مليون مفردة.

مقالات مرتبطة

ومن محاسن الصدف وجميل الأقدار أننا خلقنا في بلد إسلامي عربي، فالحمد لله الذي زين ألسنتنا بلغة الضاد. علاوة على ذلك فهي تعتبر مُفتاح الأصلين العظيمين؛ القرآن الكريم، والسنة النبوية. فهي محفوظة في آيات الذكر الحكيم، باقية ما بقيت السماء والأرض، فالبيان الكامل مقرون بها لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.

‎كما أن للغتنا الأم أصوات تميزها عن قريناتها من اللغات مما دفع البعض لتسميتها لغة الموسيقى، فمخارج حروفها الفريدة مركز الجاذبيّة في النطق، وتتميز بمجموعة كاملة من الأصوات التي لا وجود لها في أي لغة، لذلك يطلق عليها لغة الضاد لكونه حرف عربي أصيل لا وجود له في لغة العجم.‎ لكن، وبالرغم كل ما تزخر به هذه اللغة إلا أنها تواجه العديد من الصعوبات التي تساهم في طمس الهوية العربية واندثار هذه اللغة العريقة.

نذكر أولا تأثير اللّغات الغربيّة على اللّسان العربيّ، وخصوصاً مع انتشار اللّهجات بين العرب، والتي أدّت إلى استبدال العديد من الكلمات العربيّة بأُخرى ذات أصول غير عربيّة ثم ثانيا اهتمام الشباب باللغات العالمية وانخراط العولمة والتكنولوجيا في حياتهم اليومية واهتمام المناهج الدراسية بلغات أخرى، لذلك ومن أجل حماية لغتنا العربية والمحافظة على الثقافة والهوية الإسلامية لا يسعنا سوى التشبث بلغتنا الأم أكثر وإغناء رصيدها من القصائد والمقالات، وبالاهتمام بديننا الإسلامي أكثر لأن التمسك والتمكن منها طوق النجاة وسبيل للفلاح ويبقى خير الختام التدبر في قول من قال إن الذي ملأ اللغات محاسن.. جعل الجمال وسره في الضاد.

1xbet casino siteleri bahis siteleri