عش ضعفك كما تعيش قُوتك!

لا ضير أن أحدكم أو كلكم مر من لحظة ضعف، حزن، ألم، انكسار، غيبة أمل، فقدان الشغف، قل تركيزه وأصيب بمرض يدعى مرض القلق وحمى التفكير. يختلف معنى الضعف من واحد لآخر وتختلف طريقة عيشه كما تتعدد أسبابه؛ فهناك من يرى الضعف كفترة استراحة من شخصية قوية تحملت الكثير وعاشت الكثير، وهناك من يرى الضعف وسيلة لإعادة النظر فيما كان يفعله وهناك من يراه وسيلة من وسائل التعبير عما يدور بداخله.

في ليلة نوفمبرية باردة أعددت كوب قهوة ثم دخلت غرفتي، لأدخل عالم الضعف والحزن دون استئذان، ببساطة كان بمثابة موعدٍ حميميٍ مع الضعف والحزن والألم، وكانت غرفتي الشاهد الوحيد على تفاصيل هذا الموعد البائس، تخلصت من كبريائي وتركت قوتي خارجا وها أنا هنا أجهش بالبكاء أبكي وأشكي وألعن الحياة، والأشخاص، والمواقف، والأفكار والتجارب.

ليلة بيضاء مرت، دموع كالشتاء نزلت، ليلة سلبية كل ما كان يوجد فيها هو الحزن والألم خلفت من بعدها شخصا قويا ناضجا قادرا على مواجهة الحياة. ها قد حل الصباح، أشرقت الشمس بعد ليلة مرت كالعام، أستيقظ ليبدأ هذا اليوم من عمري بعد رحلة طويلة في كوكب الضعف والحزن، أنظر للمرآة فتصيبني الدهشة، عينان محمرتان منتفختان يحيط بهما السواد.

عزيزي القارئ، كل هذا وأكثر قد يمر منه المرء، خلف كل شخصية قوية توجد شخصية هشة سهلة الكسر تحتاج للضعف والحزن تارة وللقوة تارة أخرى، عش ضعفك كما تعيش قوتك ضع مساحة خاصة بك وحدك تجعلها مكانا للقائك بحزنك وعش ضعفك فالضعف فريضة يتحتم عيشها. ما أريدك أن تعرفه عزيزي القارئ هو أن الضعف سمة من سمات كل شخص، نسقط ونقف، نفشل ونعيد المحاولة، نتعثر ونقول لا بأس، نتعارك ونتصالح، نبكي ونضحك، نقوى أحيانا ونضعف أحيانا أخرى، إنه لظلم في حق نفسك أن تبقى قويا كل الوقت، وإنه من غير المنطقي أن تتوقع من نفسك القوة طوال الوقت.

تتغير الحياة، ففي السنة الواحدة أربعة فصول شتاء وربيع، صيف وخريف وكذلك تعاقب الليل والنهار فبعد الظلام تشرق الشمس وكأنها تقول لنا منحتكم الحياة فرصة جديدة؛ قد يراها البعض دعوة لمشاهدة الأفلام الدرامية أو سماع الأغاني الحزينة، وقد يراها البعض فرصة لتقبل ضعفه وعيشه أيضا، وقد يراها البعض الآخر شيئا متجاوزا لا يستحق كل هذا، وهناك فئة ستجعلها فرصة لكي تسترجع أحداث الماضي وتعيش الضعف الذي كان يجب أن تعيشه سلفا.

صدقاً، الحياة لا تقبل الضعيف، الضعيف غير مرحب به في عالمنا هذا. لكن ماذا سيحدث إن عشنا ولو لمرة واحدة ضُعفنا كما نعيش قوتنا؟ ماذا سيحصل إن شهد العالم ضُعفنا؟ إن الضُعف عاصفة ستمر لا محالة تاركةً خلفها صفاءٌ، راحة وقوة.

1xbet casino siteleri bahis siteleri