بالإرادة نسمو

تختارك الحياة وتؤهلك لإحدى تحدياتها، تكتشف التحدي، تحلله وتناقشه، وتقوم أنت الآخر بفك رموزه، تحافظ على توازنك فوق حلبة التحدي، تصارع وتتألم بشدة؛ لكن في وجدانك دائما أنك لن تتحمل قسوة هذا التحدي بحكم تضاعف قوته. ولن تتمكن من التغلب على خصمك هذا لأنك قد تعودت على الخسارة في كل مواجهة اخترت فيها، فتتراجع للوراء وأنت علم تام بنتيجة تراجعك هذا، فترهق نفسيا؛ لتعود للواقع وتجد أنك خسرت كل شيء! فتصبح ضحية خيبة أمل أخرى من الفوز على مشقات الحياة وصعوباتها، لتختبئ داخل قوقعتك محبطا، منهكا، متعبا، حزينا ليس بين أياديك حيلة لتحشر تفكيرك فيها.

إنها الإرادة!

عزيزي القارئ لقد عدت مرة أخرى لأثبت أن المشكلة الأساسية تتعلق بالإرادة لا غير، وهذا المفهوم أصبح يثير تساؤل العديد من الناس فيتعجبون من علاقة الإرادة بالصراعات مع الحياة؛ حيث إن الكثير من البشر يجد أن مشاكل الحياة تتمثل كليا في المال والصحة ولن تنفع الإرادة في أي نوع من الأنواع السابقة؛ إذ إن المال يتطلب العمل والصحة لا تتطلب سوى الأكل الصحي والمراقبة المشددة عند الطبيب من فترة لأخرى وهذا يحتاج أيضا للمال، فلا دخل للإرادة لا في المال ولا الصحة! حسنا سأجيب بدلائل عقلية فحسب: إن أردت المال فعليك العمل وإن أردت العمل فعليك أن تبحث عن عمل يناسب قدراتك ومعارفك، وهذا بالكاد صراع مع الحياة فإن الإرادة تكمن في إرادتك للبحث عن ذاك العمل الذي سيوفر لك لقمة عيشك اليومي، فتقوم بالاستيقاظ صباحا باكرا وتشرع في البحث عن عمل، فإن وجدته فهذا من فضل الله أما إذ لم تجد شيئا فستعزم النية على أن تبحث مرة أخرى، فمن هنا تنبثق الإرادة، فهذا المثال مجرد مثال بسيط من مجموعة أمثلة كثيرة لا يمكن إحصاؤها.

من له إرادة له قوة!

عزيزي القارئ، إن الإرادة لا تريد منا كثيرا من المجهود والمشقة، فالإرادة بمفهومها أنها سوى شعور داخلي يمتلك شخصا ما حينما يقرر فعل شيء معين، قد تتدخل الإرادة في حبك للقيام بذلك الشيء وتنفيذك لقرار البدء بذلك العمل. وإن دققنا في الموضوع بعمق فسنجد أن مصطلح “الحرية” يكتسح بنسبة كبيرة ودقيقة مفهوم الإرادة، لأن لا بد أن تصاحب الحرية الإرادة، وأن لا يتعرض الإنسان إلى أي نوع من أنواع الاستغلال أو الإجبار على القيام بفعل ما بدون إرادة تامة ومقنعة. فالإرادة الحرة تمنحك العزيمة للثبات والنية للعمل والقوة لبدء ذلك العمل، لتكتشف أنها ليست سوى نقطة بداية عملك فحسب بل هي محفز لإتقان وتنظيم ذلك، لتكون النتيجة عبارة عن نجاح وتفوق في شتى مجالات الحياة.

النجاح لا يتطلب الأمنيات، فالإرادة تصنع المعجزات!

عزيزي القارئ، إن تأملت في ملكوت الله، فستجد أن كل خلق الله يتماشى مع إرادته سبحانه، وإرادة الله تعالى تجعله يضفي براعة وإبداعا في خلقه! فالإرادة تصنع المعجزات، وتجعل الإنسان صامدا لمواقف الحياة الصعبة، ولهذا تأثير إيجابي فصنع العزيمة والقدرة على مواجهة الحياة بالكاد ليس بأمر سهل.

 

اعتقادي أني أتحمل ما لا يحتمل هو الذي يساعدني على الاستمرار.

-مولي هاسكل

كمثل الفراشة التي تخرج من شرنقتها، فهذه الأخيرة تجعلها تستعمل مجهودا شاقا للخروج، وعجبا لأمر هذا الكائن الصغير الذي لا يعلم ولا يدري شيئا، ويستعمل الإرادة للخروج ليبقى صامدا أمام تحدي الحياة له. فالفراشة لولا إرادتها للخروج من جهة ولولا إرادة الله لخروجها من جهة أخرى لما أفردت أجنحتها وحلقت وذاقت مذاق الحرية الدائمة!

ختاما، لا شيء مستحيل أمام الإرادة، فانعدام هذه الأخيرة يؤثر على الإنسان سلبيا، تنكسر أحلامه، رغباته وأماله. فالإرادة القوية الحرة تمنح عدة فرص لتحقيق المراد الوصول إليه، فبالإرادة نسمو!

1xbet casino siteleri bahis siteleri