عشريني

السلام أمر مستحق فعلا فليس الناس في سلام إلا إذا ما دفعوا عن هناء بالهم ثمنا، وإن كنت أتكلم باسم الجماعة فعذرا لأن توجهي اليوم نحو الفرد كجزء من الجماعة، نعيش عشرينيات العمر في تيه كبير جدا، تيه يحرم عنا أحيانا النوم الهانئ فبين الخطأ والصواب نترنح هنا وهناك، وبين الأخطاء القاتلة والقرارات المهمة نتمشى مشية السكير في حقل ألغام، نخطئ ونعيد، فالقرار الخاطئ إما أن الله رحمنا ومنحنا من الفرص الكثير، وإما أننا لم نجنِ الثمار بعد، لكنني ميال إلى الخيار الأول أكثر، ثقة في واسع رحمة الله وقدرته على تنجية عباده.

أليس كل ابن آدم خطاء؟ أليس العبد المنكسر الضعيف أمام جلال الله سبحانه أفضل من المتجبر الطاغي؟ لكن السؤال الذي يتخبط فيّ؛ يتجلى في الرغبة القاتلة نحو معرفة أين أنا مني أوقات الخطأ؟ أين أنا مني عندما أسوف أعمالي؟ أين أنا مني حينا أنفعل وأفقد سلطاني عن نفسي؟ أين أنا حين أتناسى مبادئي؟ أين أنا مني؟ لا تفهم أيها القارئ أنني منكسر أمامك كإنسان، لا أبدا، فلا أنكسر إلا أمام الخالق عز وجل بل إنني أكتب هذه الأسطر بمناسبة بلوغي لسن العشرين، أعيش أيامي الأولى في عقدي الثاني، بفضل الخالق عز وجل الذي كتب لي أن أصل إلى اليوم وأن أكتب بهذه المناسبة التي أميل فيها إلى انتقاد نفسي أكثر من الاحتفال غير المجدي والذي يضيع علي الجهد والمال، وصفاء الذهن في مناسبة تتطلب ممن يمن الله عليه بعيشها التمعن في الماضي، والتخطيط للمستقبل، ثم التركيز في الحاضر للحصول على أفضل نسخة ممكنة من الذات.

ولعل ما يشفي الصدر أن الكد والصبر دلالات على السير في طريق الوصول، وأن السير على طريق الوصول وصول، وفي نفس السياق تقول الروائية حنان لاشين في روايتها “أوبال”: الحياة دروب، بعضها نختاره بأنفسنا، وبعضها يُفرض علينا، درب فيه نسعد، ودرب فيه نشقى، ودرب فيه نذنب، ودرب فيه نتوب، ودرب فيه نموت، لنبدأ الرحلة في درب أخير نولد فيه من جديد.

التيه في مثل عمري أمر طبيعي إلى حد بعيد، لكنني لا أستحبه وأجد فيه هلاك العمر والفرص، فالأمر يغطيه نقص التجارب والاحتكاك بدروب الحياة، والجولان المفيد، وقلة الصدمات والكدمات التي تقدمها الحياة في الفقد، وخيانة الأصدقاء…وغيرها، ولا ينفعني أن أتأسف لاحقا عن ضياع عمري في سفاسف الأمور، ما يفرض علي أن أتمعن في حاضري وأن أركز بعيدا عن المشتتات تكون كيفما تكون، فصفاء الذهن أمر مطلوب جدا في هذه الحياة، فلا نعرف أي قرارات اليوم أكثر تأثيرا على حياتنا، فكم من شخص كتب عليه الحبس بسبب قرار اختيار السيارة وسيلة تنقل عوض الحافلة في يوم ممطر ما كان سببا في قتله لشخص بالكاد رآه يقطع الطريق، وفاة؟ نعم، قدر كتبه الله عليه؟ نعم، لكنه قرار، قرار صغير ذي أثر كبير!

إن الأمور دقيقها مما يهيج له العظيم، القرارات حاسمة في أوقات غفلتنا، وعلى هذا الأساس وجب تقليص مجال الخطأ إلى حد نتجنب معه الوقوع في السفه القاتل الخالق لمنعطفات قد لا نقوى على الثبات فيها، يكفي…لدينا من المعارك ما يكفي لنخوض ونغوص. نحن أحوج إلى السلام والاستقرار لصنع غد أجمل نكون فيه نخسة أكثر نجاحا واستقرارا، وذلك يبدأ الآن في هذا العمر، علينا فقط أن نستفيق…لعل القادم أفضل بإذن الله.

1xbet casino siteleri bahis siteleri