ما لحوادثِ الدنيا بقاءُ

أظنني سأخوض غمار الحديث في الحياة وعنفها بل وفرحها أيضا؛ فليس القرحُ كل ما نجنيه من أيامنا وليست كل الأحداث كئيبةٌ لا ترقى للمستوى، لا ضير في أن سيرورة الحياة تتأرجح بين مر وحلوٍ لذا لا ينبغي أن نجزع لنازلة من النوازل ولا لأن نربك حساباتنا فقط لأن يوما قاسيا عصَف بأهازيجنا وسرائرنا.

تُؤخذ الحياة بكُلِّها وجزئها ولا بد من أن نتبنى فيها منطق التريث والوسطية، فما من شيء يستحق أن نقبع لأجله في الظلام الحالك، أو أن نقضي نحب ليالينا الباردة في التفكير فيه وإعطائه كل الحيز الموجود بعقولنا، المشكلات تُحل ولا تربح بل ونخرج فيها بدروس أكبر من المشكل عينه وإن لم يكن فعلى الأقل الخروج بأقل الخسائر ورأس شامخ مرفوع، ولست أظن أن هناك ما يستحق العناء والإجهاد النفسي بل وأن نطأطئ رؤوسنا من أجله وكأنه الموت السحيق ينادي.

مقالات مرتبطة

تتأرجح الحياة بين عنفٍ جامح قد يجعلكَ تُعصر من فرط الشِّدة وبين رعونة قد تجعلكَ تتلخبط وتتخبط بين المطبات، تؤخذ بمبدأ الوسطية والاعتدال، والرغد في عيشها لا يكمنُ سوى في سر واحد ألا وهو سهولتها وعدم التشدد أو التطرف في قضاء أيامها، الحياة كقطار له وجهةٌ تحده بل ويمر على محطات عديدةٍ لا تكاد تحصى، المسافرون هم نحنُ الراكبون على متنه والمطلوب منا هو التريثُ والصبر حتى نبلغَ المراد كاملاً دونما نقصان بل ونحقق الهدف المرجوَّ بمثاليةٍ وحزم.

حوادثُ الدنيا ومصائبها منصرمةٌ إلى أجلها الذي كُتب لها، وإن طالت فلا بد من يوم توافيها المنيةُ فيه، بل وما على العبدِ سوى التحلي بالصبر والإيثار فعند المحن يبينُ كنهُ المرءِ ومدى قدرته على التحمل بل والتي لا بد من إتقانها فبِها تزول آلام عِدة وتندثر مشكلات لا حصر لها، التريثُ منطقٌ للمَرء الحكيم والمؤمِن الرزين بل وإسلامنا لطالما يحثنا عن العفو والصفح بل وتقبل كل مصيبةٍ بصدر رحب وإيمان راسخ، بل والاعتقاد الجازم بأن ربَّ العلى كفء وقادر على رحمتنا والإغاثة بالفرج والنَصر.

لعل أشد الدروس حكمة هي تلك التي نستخلصها من أعتى الحروب وأشد المشكلات فتكا بقلوبنا، ولا شك في أنها نفسُ الدروس التي نقتدس بها في حياتنا الآنية بل والتي بفِعلها نتفادى عديد المطبات، تؤخذُ الحياة بجزئها وكُلِّها وتعاش طبقا لمبدأ الوسطية والاعتدال؛ ذلك الرُكن البهي والمبدأ الناجح في إضافة السلم والأمان إلى أيامنا.

1xbet casino siteleri bahis siteleri