المدرسة وفوبيا الصّورة

592

شكّلت الصورة (L’image)، تابثةً كانت أم متحرّكةً (Fixe ou animée)، مدار نقاش واسعٍ بين من يرَونَ فيها شيئاً محرّما، وبين من يعتبرونها مادّةً خصبة لتلقين معارف وعلوم استعصى على الحرف والكلمة تلقينها لمختلف الفئات العمرية. معلوم أن الصورة أخذت من النقاش الديني -تحريماً وتجويزاً- الوقت الكثير، والملاحظ أنّ المؤسسات، باختلاف مستوياتها ونوعها، ابتداء من الأسرة الصغيرة وانتهاء بالمدارس العليا ومراكز التكوين إلى غير ذلك من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، كل هذه المؤسسات تعاملت مع الصورة باعتبارها جنسا دخيلا وشيئا غير مقبول في الوقت الذي غزت فيه هذه الأخيرة شتّى مناحي الحياة الفردية والجماعية.

في الغالب الأعمّ، نجد خطابات وإعلانات تجرِّمُ استعمال الهاتف النّقّال في الوسط المدرسي وتعِدُ كل حامِلٍ للهاتف أو اللوحة الإلكترونية بأشدِّ العقوبات. والغريب هنا أن المدرسة تجعل، بل تُبعِد من نفسها عن التغيّرات المتسارعة للعالم الحديث. في خضم هذا الواقع الموسوم بالمتناقض، يجد المتعلم نفسه أمام مدرسة تقليدية تأبى أن تنخرط في الورش التكنولوجي المتسارع، وبهذا تخلق قطيعة إبستمولوجية Rupture épistémologique بين أجيال متباينة الاختلاف.

من غير المعقول أن نتجاهل الكم الهائل من الصور التي تتردد أمام أعيننا على مختلف الأجهزة اللوحية أو الإلكترونية التي تشكل رافدا أساسيا في تشكيل مخيالنا وتفكيرنا، بل سيكون الأمر أغرب عندما نطالب المتعلم بأن يعيش عالما منغلقا على نفسه. إذا انطلقنا من مقولة “إن لكل زمان فنه، وأن الزمن الحالي هو زمن الصورة بامتياز”، يمكننا أن ندرك سريعا سحر الصورة وكيف استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي أن تستلب عقول جميع الفئات العمرية.

في المدرسة التقليدية، الوثيقة المكتوبة مقدسة إلى حد ما، في حين أنها وجدت لتكون مساعدا لا أقل ولا أكثر، وهنا تكمن أهمية توظيف الصورة بغية الانفتاح على ثقافات جديدة وإرساء قيم وطنية ودينية وإنسانية أيضا. الرهان معقود على تجديد الطرق والانفتاح على تجارب قطعت أشواطا في توظيف الصورة في مختلف تجلياتها من سينما وفيديو.

1xbet casino siteleri bahis siteleri