بعيدا عن العدالة الإلهية

في ليلة شتوية باردة من ليالي مدينتي الحزينة، استوقفني سؤال من عدة أسئلة تجوب رأسي فرسم إشارات الاستفهام حوله باحثا عن إجابة شافية تريحه من الحيرة التي تعتريه. والسؤال: هل تصلح النهايات أن تكون دائما حكما على أننا كنا على خطأ أو صواب؟ مظلومون أو ظالمون؟ هل تصلح النهايات أن تكون دائما عبرة لصاحبها ولمن يشهد عليها؟

ألا يمكن أن يكون المرء إنسان صالحا لكنه لم يحظ بالنهاية التي يستحق؟ -بعيدا عن العدالة الآلهية- ألا يمكن أن يكون المرء قد سلك دربا بنية صافية سليمة وكان نهايته الفشل؟ ولمّا جميعنا نتخذ من النهايات حكما على نجاح الإنسان وفشله وصلاحه وخرابه دون البحث في الأسباب التي أوصلته لما هو عليه؟

عندما نتحدث عن أنفسنا نوجد آلاف المبررات والأعذار ونحّور الأحداث بالطريقة التي تجعل منا ضحايا ومظلومين، لكن، عندما يتعلق الأمر بغيرنا نبدأ رحلة اللوم والتنظير ونصبح أساتذة وأصحاب خبرات؟ أليس من الأولى أن ندخر قدراتنا الهائلة هذه لتصحيح مسار حياتنا قبل العبث بقلوب الناس ونشر الأحباط والسلبية في إراداتهم القابعة بين مطرقة الحياة وسندان ألسنتنا؟

مقالات مرتبطة

جميعنا يردد عبارة “العبرة في الخواتيم” وجميعنا يحلم بالنهايات السعيدة لكل مشاريعه، وجميعنا يتعامل مع حياته كطفل يشاهد فلما كرتونيا نهايته يجب أن تكون سعيدة، نهاية ينتصر فيها الخير على الشر، وينال البطل جائزة مكافأة لمجهوده الذي بذله.

لكن يا ترى، هل نحن نمثل الخير في كل قصص حياتنا ونستحق الانتصار دائما؟ هل نقبل الاعتراف أننا نمثل الشر أحيانا وأننا في مواقف معينة غلب سوادنا على بياضنا فظَلمنا؟

ألغاز ومتاهات الحياة كثيرة لا تنتهي، ومهما ظننا أننا واجهناها كلها يبقى المزيد، لكن، علينا ألا ندع تجاربنا تذهب أدراج الرياح، فالتجارب خلقت لنتعلم منها، ورأيي اليوم ليس هو رأيي منذ سنتين، ولن يكون هو بعد سنتين، ليس لأني تغيرت بل لأني تعلمت، تعلمت أن النهايات وحدها من الظلم أن تكون حكما على مسيرة الإنسان، تعلمت أن الأسباب في الفشل وفي النجاح أهم من القمة بذاتها، تعلمت أنه يتوجب علي أن أخلق الإيجابيات ولو من صخور اليأس كي أعيش، تعلمت أنه لا عيب أن أعترف أني أخطأت هنا وفشلت هناك وظلمت هنا وأسرفت هناك.

تعلمت أن الكمال لله وحده وأني بشر خلقني الله لأُذنب وأتوب وأقع وأنهض وأخطأ وأستغفر وأتصالح مع نفسي بكل عيوبها وأحمده على ما أعطاني، وأشكره على ما ميزني به دون غيري وأطلب المزيد.

1xbet casino siteleri bahis siteleri