البساطة منتهى التأنق!

1٬596

غابت البساطة، بل تلاشت واندثرت وحتى العفوية تكاد تهجرنا، وغلب على حياتنا ما يسمى بالمظاهر والتصنع، أما الزيف فهو أساس ما نعيشه، لم نعد نحن، ولم نعد نعيش اللحظات بإحساس صادق ومشاعر غامرة، بات توثيق اللحظة هاجسا لدى الكثيرين، نأكل فنوثق، نبتسم وكذلك نوثق، نستدير، نشعل شمعة، ننزل دمعة، نسافر، نبادر، حتى ونحن ندس تلك الدريهمات بيد المحتاج نصور اللحظة ليراها العالم بما فيه، فكيف لا تغيب العفوية ولا يهجرنا الصدق، ولا تندثر المثل والقيم وأجمل الصفات؟ فأين نحن من نحن؟ أين ذاك الإنسان فينا؟ وأين حياتنا ككل التي لم نعد نعشيها بحلوها ومرها، ولكن فقط بزيفها وبصورها،

في لجة الأيام وسريع مرورها، يحتاج المرء أن يعود لنفسه بين الحينِ والآخر، يراجع أولوياته، يمعن النّظر في مواطئ قدمه، يدرك مكانه من العالم، ومكانه من نفسه التي يرتضيها الله ويرتضي هو أن يكون عليها، إن الذي يغفل عن الانفراد بذاته ومراجعتها على الطريق، يتفاجأ بكونه شخصا آخر عند نهاية الطريق. ودائمو الهرب من مواجهة أنفسهم، يسلكون طرقا لا تمثلهم.

‫ أنت بحاجة لعيش حياتك بحلم جميل وفكر أصيل وببساطة مطلقة، أن تتوّج عقلك فهو مرجعك ودليلك، لا تعش حياتك للآخرين بل عشها لنفسك فقط. ‫جميل جدا أن تكون محبوبا بين الناس ولكن لا تنسَ أن تكون محبوبا من قبل نفسك، أن ترضى عنها وتزهو بها، ولا تقزمها مهما شاءت الظروف، واسأل دوما نفسك هل أوقاتك جواهر ثمينة أم مجرد حجارة شطرنج تلهو بها، والجواب طبعا لا يأتي لمن يسأل من وراء حجاب، بل كن في قلب الحدث.

الروح تميل للهدوء والبساطة، حتى وإن كانت مقاييس الرغد من العيش تتطلب التعقيد والمبالغة. تجد بيوتا تدخلها، تشعر بسعتها في قلبك رغم صغر المساحة، وتجد بيوتا كبيرة، ولكنها تضيق بأصحابها لتكلفهم.

هناك مقولة لليوناردو دافنشي
(البساطة منتهى التأنق)

أنا فى طبيعتى لا أرتاح للتكلف بكل أنواعه، وأميل للبساطة رغم أن كتيرا منا يعتنقون التعقيد ويؤمنون بأن قيمتهم في التكلف والتنمق، ويترجمون البساطة والتبسط ضعفا. ولكن لم يؤثر ذلك في قناعتي، وتبقى البساطة هي ما أستمد منها قوتي خلال رحلتي في هذه الحياة، لأني دائما على ثقة بأن الروح الجميلة تفرض ذاتها أينما حلت، بتلقائيتها المهذبة وبساطتها الأنيقة وروحها الطيبة، إنها تلك الروح التي وإن كانت غريبة عنك، شعرت لأول وهله أنها روحا مألوفة لديك. وكأنها روحاً قريبة وصديقة، السعادة في تقديرك للتفاصيل البسيطة الّتي تخصك، فوحدها ما يوحي بالعفويّة والصدق، فما ظننته عظيما فيسعدك، سيصيبك بالخيبة إن لم تمتلكه، بخلاف التفاصيل الصغيرة الّتي تملكها وتتفرد بها.

بقدر ما تستطيعون عيشوا اللحظة لأنفسكم، عيشوا جمال يومكم ولو برفقة أشيائكم البسيطة، أنيروا دروبكم بالحب، فأنتم شموس صباحاتكم الجميلة، انثروا أفراحكم، أعلِنوا عن ربيعكم بأنفسكم، غردوا بمن تحبون، عيشوا الحياة بحب، لا تخشوا عفويتكم، سامحوا حنينكم، لا تخفوا أشواقكم، احتضنوها بقوة، كي تُصيبكم عدوة جمالها، أطلقوا العنان بما تملكونه دون زيف أو تكلف.

كونوا انتقائيين فالانتقاء فَنّ، ولنختَر بعناية ما يستحق أن يكون ضمن إطار حياتنا، دون أن نستنزف نفسنا ووقتنا في أماكن، أو علاقات، أو دروب، أو اهتمامات ليست لنا ولا تشبهَنا ولا تُعبِّر عنا من الأساس، فإن من يعرف قَدر نفسه يعزّ عليه أن يمضي بها في سُبُل لا ينتمي إليها، فكل واحد منا جميل ومميز بطريقته الخاصة، ببساطته برقته، بابتسامته، بعفويته حتى نقائصنا فهي تضيف شيئا لنا، إياك أن تقلد أحدا، لأن بذلك تمحي الشخص الرائع الذي هو أنت، فلا تكلف نفسك عناء التظاهر والتفاخر، لتكون مثاليا في أعين غيرك! فكُن بخير لأجلك فقط، تصالح مع ذاتك وأحبب نفسك، سر على الطريقة التي تشعرك بالصفو والوداد تجاه روحك؛ ربما لا تعرف كم أنت مُذهل عندما لا تحرص على إذهال أحد.

1xbet casino siteleri bahis siteleri