انتكاستنا العربية

لا شيء يبرر لنا عجزنا عن نصرة القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا، غير أننا أجبن جيل عرفته الأمة الإسلامية بامتياز، أطفال يموتون على مرأى من العالم ويقطعون أشلاء ونحن وضعنا مع الخوالف أمة مديونة، تابعة، خاضعة، مستهلكة.

اليوم تأكد لنا بالملموس أننا في حالة عجز كاملة، في حالة شلل، عجز عن اتخاذ قرار، عجز عن رفع الظلم، عجز عن الانتصار للنفس، مهمتنا اليوم هو الاستيقاظ من سبات عميق سبات عشناه لسنوات عجاف، هو أن نملك زمام أمورنا، أن نتحرر من القيود التي تقتل كل شيء جميل فينا.

لا يهزم أبدا من عقيدته لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عقيدة المرابطين، الموحدين الذين لا يخافون في الله لومة لائم، يا خير أمة، إخواننا يموتون في فلسطين، يقطعون أشلاء ونحن نقف عاجزين نبكي الأطلال. نبكي على ماض سحيق بكاء الأرامل، رجال رحلوا، ملأنا المساجد بكاء ودعاء، ولكن دون الأخذ بالأسباب، إن كنا خلفاء الله في الأرض، فربنا لا يرضى من خلفائه إلا الأخذ بالأسباب والتوكل على الله ثم السعي الذي يتبعه العمل، ربنا لا يستجيب لبكاء.

مقالات مرتبطة

لا يجب استدامة الخلل والتعايش معه كأنه جزء لا يتجزأ منا يجب كسر هذه الحلقة الملعونة المزعجة التي باتت تزعج الصغير قبل الكبير والقوي قبل الضعيف، رسالتنا وقبل كل شيء الرجوع للدين وتوحيد الله والعيش وفق ديننا الحنيف. ولا ينحصر ذلك فقط في فعل الشعائر والطقوس ونسيان الجوهر الذي هو الأخلاق، ونفع الأمة وتوحيد الله عز وجل. السؤال المطروح هو كيف سننفع الأمة وأكثر من 58 دولة إسلامية حول العالم تملك فقط 600 جامعة؟ كيف سننفع الأمة ودولة صغيرة مثل إسرائيل تنفق في البحث العلمي أكثر مما تنفقه الدول العربية مجتمعة؟ كيف سننهض ونحن لا ننتج ربع ما نأكل ونلبس، كيف نطلب النصر ونحن مستضعفين في الأرض؟

كثير من الأمم انكسرت عبر التاريخ أمام ضربات الأعداء واتبعت ثقافة الغزاة والمحتلين، ثم انمحت هويتها للأبد، أما المسلمون فتعريف الأمة مختلف لديهم، ليست الأعداد الكبيرة التي تنتمي للإسلام بالاسم ،بل هي الطائفة المتمسكة بالحق التي تدافع دونه بالنفس والمال، السائرة على طريق نبيها مهما خولفت أو دخلت، ثم يجعل سر الحياة البقية الغافلة من الأمة في هذه القلة المتمسكة بدينها فيحيي بهم من يشاء ويجدد بهم الدين ويرفع بهم رايته ويعلي بهم كلمته، فيعود الناس للحق.

لا تستهن بدورك كمسلم حقيقي مهما أحاط بك ضعفاء النفوس، فقط من مكانك ودورك البسيط في الحياة قد تغير المعطيات لصالح أمتك، جاهد وإن لم تجاهد في المعركة على أرض الواقع، النصر يكون في معركة حين المصافة، حين يلتقي الطرفان ونحن لسنا طرفا للأسف، نحن في موقف ضعف، المؤمن فطن ليس لعبة الأمم، المؤمن لا يعرف الضعف، المؤمن يؤمن بقيمة الفعل مهما صغر، يدرك أن الكلمة تلو الكلمة تصحح المفاهيم وتعدل المسار وتوحد وتسد الفرج وتقوي العزيمة.

لا تحقروا من الأعمال البسيطة شيئا، فلن يغير الله ما في قوم حتى يغيروا ما في أنفسهم، استرشدوا ميراث رسولنا استوحوه، عودوا إلى دين نبيكم، واعلموا أن أدنى درجات المقاومة، هي المقاطعة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ورفض كل محاولات التطبيع مع العدو الغاصب وإبقاء الحاجز النفسي بيننا وبينهم، لأن مسؤوليتنا تجاه غزة هي بقدر الدماء التي تراق فيها كل يوم، إما عن النصر فهو قادم لأنه وعد الله وقد فصل في مواضع كثيرة في الكتاب والسنة، وأما عن النظام الصهيوني فماله الاندثار والهلاك لأنه نظام شمولي كنظام هيتلر وماركس وقبله نظام فرعون المتجبر، لأنه لا يعترف بالآخر ولأنه أحادي الاتجاه، مبني على الطائفية المتغطرس والتضليل الإعلامي وتزييف الحقائق.